جردل ثقبته الظروف

Views: 349

البهاء حسين

 

أنا خوّاف كبير

لا “وديعة في قلبي” سوى الهواجس

إذا مررت، مثلاً

تحت شرفة

قلت: ستسقط، حتماً، على رأسي فتفعصه

وأعيش بلا رأس

أخبىء فيه أيامي

***

لذلك

ظللت أؤجل مستقبلي

حتى لا تسقط عليه شرفة

***

بسبب الخوف تسربتْ مني أحلام كثيرة

كأنني جردل مثقوب

ولجأتْ لغيري

الحب تركتُه يندلق هو الآخر

فامتلاتُ بالصفير

وبدلاً من العادات التي ينبغي أن يكسبها المرء إلى صفه

كلما تقدمت به السن

بدأتُ أكلم أحلامي المتسربة

كمن يربّتُ على صديقة في محنة

***

مررتُ بكل مراحل الحداد عليها

تبرعتُ بحصتي من المشي

لأقدام تعرج

ورحتُ أراقبها وهي تمشي بنهم

نيابة عني

حتى الطعام صرت أمضغه بخوف

صرت أقبًلُ زوجتي وأنا خائف أن يقفز طقم أسناني فجأة في فمها

الدموع التي أدخرها لموت أمي

تسيل الآن بلا سبب

ذلك الأخدود على جبيني…

كم هو عريض ذلك الأخدود

على رجل بحاجة إلى النوم

إلى معجزة

تردّ عليه إيمانه بالمعجزات .

***

كل أصحابي

نجوا من الغرام

أحد الجيران

خرج سليماً من أنقاض زلزالين

أخي

توانى الموت عن حصده

رغم أنه لا يؤمن بشيء

فلماذا يا إلهي جعلت رأسي مدقاً

لانتصارات الآخرين؟

***

كنت على وشك أن أجلب الحظ السعيد لبيتي

لكنني، من فرط تعاستي

تعثرتُ بميت أحدب

الرجل الذي يوقظني كل ليلة

في المنام

بيده المتورمة

يهز كتفي، ثم يفتح بقجة ويُخرج منها أمعاءه

ورجله اليسرى وأعضاء أخرى

إصابتها طفيفة

***

يا له من كابوس

يا للذعر الذي ينتابني من أنفه المجذوم

وفمه الملطخ بالضحك

أيكون مصيري مثله

أحمل حظي المسكين

في صرةٍ هكذا

كأنه ضحية حرب

وأفرد أشلاءه

في وجه شخص آخر لا يعرف نفسه

لا يشفى من الخوف

حتى في النوم !

***

1-“وديعة في قلبي”، عن توماس مان . بتصرف

2-البهاء حسين كاتب صحافي في جريدة “الاهرام” المصرية

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *