يــا توتــة الــدار

Views: 614

رشـا بركــات (رايتـش) – حكايات رشا

 

يا توتة الدار صبرك على الزمان إن جار لا بد ما نعود مهما طوَل المشوار يا يابا…

حكايتي اليوم عن إبداعات وأغاني فلسطينية ملتزمة لمبدعين فلسطينيين رافقت الثورة والثوار ولا زالت إلى يومنا الحاضر تشعل في قلوب كل وطني شريف، الشوق لفلسطين وعبقها…

هناك أغاني شعبية انبثقت أولاً نتيجة أحداث عاشها أبناء شعبنا الفلسطيني في ظل المقاومة بدءاً من الإنتداب البريطاني وصولاً إلى يومنا الحاضر في مقاومتنا ضد الإحتلال “الصهيوني”. فقد كتبت سابقاً عن شاعر الثورة الفلسطينية أبان الإنتداب البريطاني الشهيد نوح ابراهيم الذي كتب “دبرها يا مستر دل”، فتم اعتماد شعره الثوري ضد الإنتداب، في أناشيد ثورية لإبقاء روح التاريخ الثوري وتفعيله عبر الأجيال.

إن كنا نريد أن نبحث في أغلب الطرق العالمية في السياسات والثورات، نجد أن اعتماد الأناشيد والأغاني الثورية مكرَس فيها. ففي الغالب، الثورات على اختلافها تحتاج لتجييش شعبي وإن العامل الأقرب لمشاعر الشعوب والتأثير عليها هو لغة النشيد والأغنية. إضافة إلى عامل التأثير العاطفي واستعمال المشاعر، نجد شقاَ آخر يحمل بعداً استثنائيا مع الشعب الفلسطيني وهو “إيصال الرسائل”. فمثلاً ردية ” يا طالعين الجبل” التي أدتها الراحلة، ريم بنا الفلسطينية الناصرية الراحلة، والتي كان لديها العديد من الأغاني الفلسطينية الوطنية الملتزمة والمؤثرة، كان نصَها في البدء للأمهات الأسرى في الثورة الفلسطينية الأولى أثناء زيارتهن لأبنائهن الثوار أو الأقارب أو الأصحاب فكن يزدنا حرفاً على كل كلمة لكي لا يفهم السجان ماذا يقولون للأسرى ولتصل الرسالة بسلام.

شكًلت هذه النصوص التي تم تلحينها لاحقا وتأديتها، جزئية أرشيفية تحمي التاريخ المقاوم لدى الفلسطيني وتذكر بقضيته وكذلك تجيًش شعبه.

ومع صوت فلسطين الراحل-الباقي، “ابو عرب” وأغنية أو ترنيمة “يا توتة الدار”، نجد لغة وإضافة أخرى تتكلم عن الحنين والسلوك الذي علينا نحن أبناء الشعب الفلسطيني أن نسلكه. فتقول الأغنية: “يا توتة الدار صبرك على الزمان إن جار لا بد ما نعود مهما طوَل المشوار يا يابا…”وإن حللنا تلك الكلمات، نجد فيها تذكير وحنين ب “توتة الدار” أي كل ما يختص بالدار والذاكرة والملكية المعنوية والمادية في آن، من ثم الدعوة إلى الصبر وإصرار على العودة. فتلك كلمات غنية لخَصت أغلب حكاية الشعب الفلسطيني الذي يعشق ويتشوق لأرضه والذي يمتلك الإصرار والتحدي والأمل للعودة إلى فلسطين إضافة إلى محاولة إيجاد طرق ووسائل للتجييش الشعبي والمقاومة.

أما ما يختص بفرق متنوعة عبر التاريخ المقاوم حتى اليوم فهناك عشرات الفرق الفلسطينية نافست بمضامين أعمالها واحترافها فرقة ال “بيتلز Beatles” البريطانية الشهيرة . فكل فلسطيني في بلاد الإغتراب والداخل يعرف عن فرقة العاشقين الثورية وأغنياتها وتأثيرها الإيجابي في بث روح الثورة والنضال في صفوف الشعب الفلسطيني. كذلك تعددت الفرق وتنوعت أوصافها إلى أن صرنا نجد في عصرنا الحالي فرق ال “روك Rock” وال “جاز Jazz” وال “راب Rap”  الفلسطيني-الاردني-اللبناني الملتزم.

فمثلاً فرقة “المربع” الفلسطينية-الأردنية وفرقة “جدل” كذلك إضافة إلى فرقة “صول” و “ولعت” وغيرهم الكثير….

هذه الفرق الفلسطينية التي أبدعت بترنيمات تعشق الوطن وترابه وتذكر العالم فيه وبمظلوميته وتدعو الشعوب أن تعيد النظر في نهجها وأن تختار المبادرة الوطنية وووو…كل تلك الإبداعات تحاكينا بكل ما نملك من ماض وحاضر ومستقبل…تحاكينا على الصعيدين، العاطفي والمنطقي وتحاول أن تتجلى في القيم التي تقدمها.

هو الفن الهادف الجميل…ومع أغنية ال”راب”، باسم “مين إرهابي”، تتوضح صورة لدى البعض الآخر بأن الشعب الفلسطيني ليس إرهابياً كما يصفونه، إنما هو يطالب بحقه والإرهابي هو من احتل أرضه ووطنه وشرده في كل أنحاء العالم وقام بقتله وأسره الخ…

يمما مويل الهوى يمما مويلييا….

أنا في العادة، لا أحب لغة الإطالة بكتاباتي. أحب أن يلتفت القارىء إلى ما أكتب بكل نعومة وسلاسة. لذلك، لم أتكلم عن كثير من الأمثلة من فنانين مبدعين وأناشيد دسمة فنياً وثقافياً ولكني حاولت أن أذكر بهذا النوع من الفنون الذي لطالما واكب الثورات وكان ولازال له التأثير الهام في كثير من الأعمال المقاومة والذي أتمنى أن يلقى دعماً أكثر وأقصد أن يتم دعم شبابنا المبدع الذي يبحث عن فسحة أمل لقول كلمته بالطرق التي يراها تمثله.

ومع كلمات أغنية “يافا ست الكل” للشابة الفلسطينية من مدينتي يافا التاريخية العريقة،يافا أبو شميس، أختم مقالي متمنية أن أعود لتوتة الدار وزيتونتها وزعترها وبرتقالها….

25/ 03/ 2001

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *