ملفّان وجوديّان بارزان: التدقيق والحدود!

Views: 4

رندلى جبور

 

من يعرف الرئيس ميشال عون جيداً، يعرف أنه لا يخوض معارك صغيرة بحجم حكومة وأعداد وحصص وأسماء وزراء. بل هو من خلال ما يظنّه البعض معركة حكومية، يخوض حرب وجود الوطن.

وإلى جانب المعارك الأساسية كالحفاظ على الوحدة والاستقرار ومنع الفتنة أو الحرب، ورفض التوطين ومنع دمج النازحين، يبرز اليوم ملفان وجوديّان هما التدقيق والحدود.

وبحسب المعلومات، فإن الرئيس المكلّف سعد الحريري طلب تأجيل ملف التدقيق الجنائي إلى ما بعد الحكومة، وهو ما قاله أيضاً البطريرك الماروني في عظة الاحد بالصوت العالي، ولكن الرئيس عون رفض، لأن تأجيل التدقيق يعني محاولة تطييره، وبالتالي تطيير حلم الناس بمعرفة من سرقهم وسرق دولتهم ومحاسبة أولئك السارقين. ثم إن التدقيق أقرّته حكومة أصيلة وتم توقيع عقده مع شركة عالمية فما الداعي للتأجيل؟ ويفضّل الرئيس عون بالتالي أن لا تتشكل حكومة، على أن تتشكّل حكومة لا إصلاح فيها ولا إصلاحيين.

فما يحصل اليوم، هو وضع حجر الأساس لمحاربة الفساد ومنظومته العميقه المتجذرة في الدولة، بل هي على مدى ثلاثة عقود قضت على معالم الدولة وفتحت مافيا بديلاً منها، ولن يدع الرئيس عون هذه الفرصة تسقط، ولذلك لا يوقّع على تشكيلة، تكفي بعض الاسماء فيها لنتأكد أنها غير إصلاحية، ويكفي توزيع الحقائب فيها لنتأكد أنها ليست حكومة اختصاصيين، ويكفي النظر إلى عرّابي التشكيلة لنتأكد أنها تشكيلة النصف زائداً واحداً للحريري وبري وجنبلاط ورفاقهم الصغار.

أما في ملف الحدود، فيؤكد متابعون للملف أن أخطاء كبيرة في رسم حدودنا من كل الجهات حصلت في الماضي، أي مع كل من فلسطين المحتلة وقبرص وسوريا، وذلك بسبب سياسيين غير سياديين وغير مسؤولين وأبرزهم الحريري وفؤاد السنيورة. وهذه الاخطاء جعلتنا ندفع الثمن من حقوقنا ووجودنا الكامل. ومن مصلحة لبنان اليوم زيادة مساحته التي هي حق له، وذلك سيكون ورقة قوة في التفاوض، شرط عدم الوقوع في أفخاخ قد ينصبها أو بدأ ينصبها الخارج مع بعض الداخل، مع احترام الاصول الدستورية والقوانين الدولية ذات الصلة، على أن يكون تفاهم لبناني حول الحدود الجديدة، منعاً لأي إشكالات مستقبلية. وزيادة الحدود يعني زيادة ثرواتنا النفطية في البحر ومنع “إسرائيل” من سرقتها والاستفادة منها على حساب أجيالنا المقبلة.

وهنا لا بدّ من الاشارة إلى أن الرئيس عون كان جهّز رسالة إلى الامم المتحدة في شأن هذا الملف، وهي ما نشرها بعض وسائل التواصل الاجتماعي ومنهم عن سوء نيّة، ولكن الحقيقة هي أنه جهّزها ولكنه لم يرسلها بتاتاً لأنه اطلع على كل المواد الدستورية وحين تأكّد أن ذلك ليس من صلاحياته بل من صلاحيات مجلس الوزراء امتنع عن ذلك لعدم مخالفة الدستور وتخطي صلاحياته.

وفي الملفّين نلاحظ أن جميع اللبنانيين يدفعون اليوم ثمن خطايا السياسيين الفاسدين وأخطاء السياسيين غير السياديين وغير الأكفّاء، والأبشع أن كل اللوم يُلقى على شخص واحد، وهو الوحيد الذي يريد الخلاص الحقيقي للوطن وللمواطنين! 

(Ulram)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *