اللعبة المكشوفة

Views: 281

 خليل الخوري  

 يلفت اللبنانيين جمودُ سعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوداء المُسماة سوقاً موازية. إنّ هذا الجمود يحدث في وقت تبلغ الأزمات ذرواتها على الصعدان كافةً. بدايةً نحن لسنا مع إرتفاع سعر العملة الخضراء، والعكس صحيح، فنحن، مثل الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، من دُعاة تراجعها إلى أدنى الحدود الممكنة. إنما نُضيء على جمودها، بل تراجعها قليلاً قبل هذا الجمود، لنؤكّد على أنّ المسألة لعبة مافيات. إنّها تلاعُبٌ بالمواطن المقهور غير القادر على القيام بأود حياته وحياة أسرته في أقلّ مقتضيات العيش الكريم بعد تدهور الليرة اللبنانية المروّع.

ولو كان الإرتفاع غير المُبرَّر، والمرفوض بقوّة، في سعر الدولار سببه الأزمة الحكومية، فالمؤشرات والوقائع بالطبع، تتكشّف عن العجز الفادح في التوافق على التأليف، ومع ذلك بقي الدولار مكانه.

ولو كانت حركة السوق مُرتبطة بالإستقرار، فإنّ ما عايشناه في الأيام الأخيرة يُبيّن بوضوح هشاشة الإستقرار.

ولو كانت مُرتبطةً أو متأثّرة بالوضع السياسي عموماً، فإنّ الخلافات العميقة تجاوزت كلّ حدّ، و… منطق.

ولو كانت مُرتبطة بالمفاوضات غير المباشرة مع العدو الإسرائيلي بشأن ترسيم الحدود المائية، فهذه متوقّفة جرّاء التصلّب في مواقف الجانبين، إضافة إلى أنّ مهمّة دايفيد ساترفيلد، في الأيام الماضية لم تنتهِ إلى نتيجة إيجابية على هذا الصعيد.

ولو كان إرتفاع سعر الدولار الجنوني مُرتبطاً بعدم إنتاجية الدولة، فحكومة تصريف الأعمال مُستقيلة حتّى من تصريف الأعمال.

ولو كان ذا صِلة بالوضع الإقتصادي العام، فحدّث ولا حرج… إلى ما هنالك من عوامل كان أيّ منها يكفي أن يؤثّر في مسار سعر العملة، ناهيك بما شاهدناه على صعيد الأزمة في الجسم القضائي. ومع ذلك فإن الدولار الأميركي يُراوح مكانه في حدود الإثني عشر ألف ليرة لبنانية.

ماذا يعني هذا؟

إنه يعني ببساطة أنّ المواطن اللبناني تحوّل إلى كُرة يتقاذفها المُسيئون إلى هذا البلد الصغير المُعذّب، وفق الأهواء والأطماع والمصالح الآنية والذاتية، في وقتٍ تعجز السلطة عن إتمام عملية الإنتخابات النيابية الفرعية لملء المراكز الشاغِرة بالإستقالة والوفاة.

قياساً على ما تقدّم، بات من واجب المسؤولين أن يبتكروا خطّة تؤدي إلى هبوط سعر صرف الدولار إلى أدنى حدّ ممكن. طبعاً لا نقول إلى 1500 ليرة، ولكن إلى سعره المُنسجِم مع الوضع الراهن الذي يُرجّحه الخبراء في حدود السبعة آلاف ليرة.

ولكن، من أسف، نخشى أن يُحلِّق إلى الثلاثين ألفاً.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *