السيىء والأسوأ والأشد سوءاً

Views: 686

خليل الخوري 

 

كل ما نراه ونسمعه ونُعاينه ونُعاني نتائجه ليست له علاقة بلبنان الذي عرفناه وعشناه ونعمنا بمزاياه. إنها حالٌ هجينة ووضعٌ مذهل ناجمان عن تحكّم الأطماع والأحقاد والمصالح الذاتية في المواقف والقرارات و… الاجتهادات.

إن أهل الحل والربط (أصلاً هل هناك من يحل ويربط، أو أن معظمهم مربوطون ومحلولون) هم، نظرياً على الأقل، أكثر ما يكونون وافدين إلينا من عالمٍ آخر لا علاقة له بهذا الوطن وتاريخه، بشقَّيه المُجيد والمُخزي. إنهم، في معظمهم، أقوامٌ ليس يُعرف من أي يُنبوع جهالةٍ شربوا ومن أي معلف مهانةٍ أكلوا ومن أي معدن شرٍ أُنتِجوا.

إنهم الغرابة بذاتها، وإنهم غير مسبوقين في أن يتواجدوا معاً في زمنٍ واحد وفي بلدٍ واحد، وهو ما ليس له مثيل في أيٍ من بلدان وأزمنة الزوايا الأربع من هذه المعمورة.

فهناك المُتعنّت الذي يضرب الحائط برأسه، فيُدمى ويظلّ يضربه. يشجّ الرأس غير مرّة. تسيل الدماء. ويظلّ يضرب به الحائط… ومهما ترتّب على هذا المشهد الدرامي من مآسٍ وطنية يبقى الضرب متواصلاً.

وهناك المجرم الذي نشأ وترعرع في الإجرام. فلا يستطيب غير الدماء. وكأن بين فكَّيه أنياباً ونواجز وليس أسناناً. وإذا تعذّر عليه أن يسفك الدماء في القتال والمواجهة، سفكها في المواقف والأقوال والتصرّفات على أنواعها.

وهناك الغبي، التافه، الذي كلّما خُيّل إليك أنه تعلّم شيئاً أو حقق خطوة إلى الأمام، سرعان ما يتكشّف لك أنه مقيمٌ مُزمنٌ في خانة الغباء، يستطيبه إلى ما شاء له الله أن يبقى فيه. ومن شبّ على الغباء، شاب على التخاذل والأخطاء.

وهناك الفاجر، الفاسد، الغارق في مستنقع الفساد حتى أذنَيه وآذان المحيطين به، والذي يُحاضر في الأمانة ومكارم الاخلاق.

وهناك الذي لم يعتد إلا الذلّ نهجاً والهوان مساراً، فلو استخرجته من المذلّة، عاد إليها خانعاً، طائعاً، ذليلاً…

وهناك الذي يُفاخر بأنه مُجرم ومرتكب وفاسد وسارق، ويعتبر تصرّفه شطارةً وذكاءً وفهلويةً.

وأكثر هؤلاء سوءاً ذلك الذي يجمع تلك «المزايا» كلّها. فهو يتشاطر على بلاهة، ويؤاخي الشيطان مُدّعياً القداسة، لا يتوقّف عن أن يُحاضر في العفّة وهو غارقٌ في الدنس، ويتّهم الآخرين بما هو قد سبقهم أشواطاً كبيرةً إليه. ويدّعي البراءة وهو أكثر المتورّطين.

يوازي هذا سوءاً ودناءةً أولئك المربوطون على أوتدة الخارج ويرمون سواهم بدائهم قبل أن ينسلّوا.

… وإلى أي مزرعةٍ حوّلوك أيها الوطن الجريح المُعذّب؟!.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *