إلا الجيش

Views: 263

خليل الخوري  

باتت مرتّبات ضبّاط وعناصر ورتباء الجيش والقوى الأمنية تُراوح بين مئة ومئتَين وخمسين دولاراً. فهؤلاء، مثلهم، مثل اللبنانيين، وبالذات العاملون في القطاع العام، يتقاضون مُخصصاتهم والتعويضات بالعملة الوطنية. ولقد أدى انهيار الليرة إلى تداعياتٍ مروّعة في مُختلف القطاعات اللبنانية، إلا أن ما أصاب الأسلاك العسكرية والأمنية بلغت خطورته الحدّ الأقصى.

المؤلم أن الضرر الكبير اللاحق بهؤلاء لا يتوقّف عندهم على الصعيد الشخصي والعائلي فحسب، بل يُطاول المؤسسة كلاً. وكم شعر اللبنانيون بالخيبة والقهر عندما أُعلِن أن طعام العسكريين يقوم على أشد أنواع التقشّف قساوةٍ، وأن مائدتهم أمست من دون اللحوم!..

إلى ذلك، فإن المعلومات المُتوافرة تؤكّد على أنه بات مُتعذّراً شراء أي عِتاد، ولو في الحدّ الأدنى! وأكثر، لم يعد بالمقدور إجراء صيانة الآليات على أنواعها. فالآلية التي تفتقد إلى تبديل قطعة غيار، جرّاء أسبابٍ عديدة، لم يعد المال المُخصص لصيانتها متوافراً.

في هذا الوقت، لا يزال الجيش والقوى الأمنية في أعلى التأهب والمسؤولية لجهة تلبية الواجب في مُختلف أنحاء البلد. بصعوبة مؤكّدة، ولكن من دون أي تلكؤ أو تخلّف أو تخاذل أو تردد.

ولكن، إلى متى يُمكن أن تستمر هذه القدرة الفائقة لدى الجيش الذي يخلق من الضعف قوّة؟!.

هذا هو السؤال الذي يُفترض بالسلطة أن تجد له جواباً يشمل أيضاً الإجابة عن السؤال البدهي الذي يطرح ذاته بإلحاح: هل تُريدون الجيش؟ هل تُقيمون الحساب لما ستؤول إليه حال لبنان من دون جيش؟ واستطراداً: هل تتصوّرون لبنان من دون جيش؟ أوليس أن الفلتان اللامحدود هو البديل عن غياب الجيش أو فقدان دوره، أو عن دفعه إلى حال العجز لأسبابٍ ليست من عدم المناقبية بشيء، أو ضعف الحميّة، أو التخلّي عن الواجب… إنما للسبب المادي تحديداً؟!.

لم نكن مع القائد جوزاف عون في فرنسا، ولم نطّلع على محادثاته مع الرئيس إيمانويل ماكرون، ولا مع نظيره في قيادة الجيش الفرنسي، ولا أيضاً مع أركان وزارة الدفاع الفرنسية وسائر المسؤولين الذين التقاهم قائد جيشنا. ولكننا واثقون بأنه أثار تلك الأمور من موقع المسؤولية العُليا التي يتحلّى بها، وهو العسكري الآدمي المُحترف، الذي يُشهد له بنظافة الكفّ، والبسالة، وحسن القيادة… والذي تميّزت قيادته، من اليوم الأول حتى الآن، بأنه الرجل المناسب فعلاً في المكان المناسب. فالإنضباط الذي عرفته المؤسسة الوطنية الكُبرى مع هذا القائد المقدام يُضرب به المثل.

يا جماعة اتّقوا الله في الجيش ولبنان.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *