سجلوا عندكم

الفشل المدمّر

Views: 82

خليل الخوري 

أياً تكن الأهداف، الظاهر منها والمخفي، فثمّة حقيقة صارخة وهي أن لبنان باقٍ من دون حكومة، وأن هذه الحقيقة ذات ديمومة إلى ما لا يعرفه حتى الراسخون في العلم والمعرفة. فكلما قرُبت، بعُدت! وكلما لاح في آخر النفق بصيص ضوءٍ، عادت العتمة.

صحيح أن تشكيل الحكومات عندنا، في السنوات الأخيرة، لم يعد مثل «شربة الماء»، فلم يكن ليتم إلا بـ«شق النفس»، وبصعوبات، وبجهود مُضنية لتذليل العراقيل. ولكن لم يسبق أن بلغت الحدّة لدى الأطراف مثل هذا الكمّ من الأبواب المقفلة والآذان المسدودة، وأقلّه لم يكن الخارج معنياً بالأمر. أما اليوم، فإذا استثينا النصائح التي يُسديها لنا الأقربون والأبعدون، فإننا نتحدّث عن مساعٍ خيّرة قامت بها أطراف لها حضورها وأهمّيتها وأدوارها في الإقليم وخارجه، مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يضع ثقل بلاده في «الدق». وأيضاً وساطة الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي عبر وزير خارجيته سامح شكري، وأيضاً الجامعة العربية من خلال أمينها العام أو من يوفده.

والسؤال: من أين يكتسب المُتنازعون عندنا هذه القدرة على إغداق الوعود بأنهم مُلتزمون المبادرات وساعون إلى تنفيذها «في أقرب وقت مُمكن»، ومع ذلك يتنصّلون من وعودهم وتعهّداتهم؟

من أين لهم القدرة على إعلان القبول ثم يرفضون؟ من أين لهم هذه البلاغة في تدبيج الأكاذيب للتخلّص من المحاسبة في حين بات معروفاً أن أحداً لم يعد «يقبضهم»، في الخارج وفي الداخل، باستثناء الرعاع من الرعايا الذين يفلتون الألسنة في مشهدٍ مُقرف، غير مسبوق، إضافة إلى أنه غير مقبول، ويكشف عن انحطاط خُلقي، قدر ما يتكشّف عن انحطاط في الخطاب.

نعرف أن الانتخابات النيابية يُفترض أن تُجرى بعد أقل من سنة. ونعرف أيضاً أننا دخلنا في حُمّى هذا الاستحقاق. ونعرف أيضاً وأيضاً أن التصعيد واللعب على الغرائز بأنواعها، وخصوصاً المذهبي فالطائفي منها، من «دواعي اللعبة». ولكننا لا نقبل أن تكون هذه الأسلحة المؤذية مدار استخدامٍ في هذا الصراع الذي نؤكد مرّةً ثانية وثالثة وللألف، أنه سلاحٌ ذو حدّين لا بدّ من أن يرتدّ على أصحابه في آخر المطاف.

ناشدناهم، ونناشدهم اليوم، أن يتّقوا الله في هذا الشعب وهذا الوطن أو، على الأصح، في ما أبقوا لديهما من مقوّمات… إذا كانوا قد أبقوا شيئاً.

Tramadol

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *