لِعَينَيكِ!
مُورِيس وَدِيع النَجَّار
لِعَينَيكِ تُزَغرِدُ أَوتارِي، فَتَنسَى الهُجُوعْ…
ومِن عَينَيكِ أَغرِفُ، وَلا أَبِيتُ إِلَّا على جُوعْ…
لِعَينَيكِ أُنادِمُ الكَأسَ، فَيَطوِينِي الخَيالُ على حُلْمٍ شَفِيفٍ، يَبنِي القَوافِي، ويَرَجُّ المِداد…
وعلى ذِكْرِكِ تُجَنُّ الحُرُوفُ، تُسافِرُ في المَدَى فَلا حُدُودَ ولا سُدُودَ ولا سُجُوف…
فَأَينَكَ يا لَيْلُ، أَذاكِرٌ كَيفَ لَفَّنا اللَّيلَكُ المُنَدَّى، فَبِتْنا حُقَّيْنِ مِن عَبِيرٍ، واستَفاقَ خاطِرُ الشِّعْرِ يُدَندِنُ الأَشَواقَ، ويُطْرِبُ المَدَى…
أَذاكِرَةٌ يا جِراحُ، والجَوارِحُ يَعتَصِرُها أَرَقُ اللَّيالِي، وعَيناها فِيهِما ضَوْءُ الأَمَلِ الحَزِينِ يَخْبُو في حُلْكَةِ التَّساؤُلات…
أَعالِمَةٌ يا كاهِنَةَ مِحرابِي أَنْ لا دِفْءَ في صَلاتِي إِلَّا في ظِلالِ عَينَيكِ، وأَنَّ النَّغَمَ في نَبَضاتِي يُحَشْرِجُ إِمَّا خَنَقَهُ نَأْيُكِ المُرّ…
سَأَهدِمُ الهَيكَلَ وَابتَعَدَت عَنهُ دُرُوبُكِ، وأَشِيدُ على أَنقاضِهِ مَعبَدًا أَتَهَجَّدُ في حَنِيَّاتِهِ مع الذِّكرَياتْ…
***
لِعَينَيكِ تَحلُو دُرُوبُ الحَياةْ، وَيَزهَوهِرُ العُمرُ بَعدَ فَواتْ
وَأَستَقبِلُ الفَجرَ غَضًّا فَيَسرِي ـــــــــ الهَوَى في يَراعِي، وتَشدُو الدَّواةْ
وَأَدخُلُ مِحرابَهُما خاشِعًا، لُهاثِي يُتَمتِمُ في الجَمَراتْ
وأُحرِقُ قَلبِي بَخُورًا، وأَمضِي أَذُرُّ حُبَيْباتِهِ لِلصَّلاةْ!