عوده في قداس لراحة نفوس ضحايا مستشفى القديس جاورجيوس: من يعوق تحقيق العدالة مجرم بحق الضحايا

Views: 313

 ترأس راعي أبرشية بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، الصلاة التي أقيمت قبل ظهر اليوم في القاعة الأساسية لمدخل مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي، من أجل راحة نفوس ضحايا المستشفى، لمناسبة الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت، في حضور إدارة المستشفى والجسم الطبي وأهالي الشهداء الضحايا.

بعد الصلاة، ألقى عوده عظة قال فيها: “في مثل هذا اليوم من السنة الماضية، كان هذا المستشفى يضج بالحياة والحركة، وفجأة، وقبيل المغيب، وكأن يدا آثمة امتدت لتحول الحياة جحيما ابتلع أرواحا عزيزة، وترك مآس، وخلف دمارا وبؤسا ما زلنا بعد مرور سنة نلملم آثاره بغصة وألم. لقد ولد انفجار 4 آب ذهولا عند أبناء بيروت الذين فقدوا أبناءهم، وخسروا منازلهم، وأصبحوا مشردين بلا مأوى، عاجزين عن استيعاب ما حل بهم، ولا ذنب لهم إلا أنهم اختاروا العيش في هذه المنطقة العزيزة. أما هذا المستشفى، الذي نذر نفسه منذ أكثر من قرن ونصف قرن، لخدمة المريض والمحتاج، فقد فقد ممرضات عزيزات جدا على قلوبنا، ومرضى وزوارا أحباء، كما فقد الكثير مما ساهم آباؤنا وأجدادنا في بنائه على مر الزمان. هذا المستشفى سقطت أجزاء منه على رؤوس من كانوا داخله وجرح المئات وأصيبوا، مرضى وأطباء وممرضين وزوارا، لكن إرادة الحياة كانت أقوى من الدمار، والإيمان كان أقوى من الإستسلام، فهب الجميع، رغم جراحهم، وتكاتفوا من أجل إخلاء المرضى والجرحى، وإسعافهم، ومساعدة كل من يحتاج إلى المساعدة، رغم آلامهم وعظم الفاجعة”.

أضاف: “هؤلاء الأعزاء، لهم منا كل المحبة والشكر والصلاة لكي يحفظهم الرب الإله كما حفظهم في تلك الأمسية، ولكي يغدق عليهم من نعمه السماوية ما يخولهم العيش بسلام طيلة حياتهم. أما ضحايا هذا الانفجار الكارثي، ومنهم ممرضاتنا العزيزات، فنسأل الله أن يغمرهم برحمته، ويجعلهم في فردوسه مع قديسيه وأبراره. ولا يمكننا إلا أن نتذكر الأزواج الذين فقدوا رفاق دربهم، والأطفال الذين خسروا والديهم، والأهل الذين فجعوا بفقدان فلذات أكبادهم، ونقول لهم إننا نشاطرهم الحزن والألم، وإننا لن نهدأ قبل معرفة الحقيقة التي، وإن كانت لن تعيد الأحباء، إلا أنها تبلسم الجراح قليلا، لأنها تستتبع معاقبة الجناة والمجرمين الذين كانوا وراء الكارثة التي ضربت عاصمتنا وأدمت قلوبنا. سوف نبقى معهم، رافعين الصوت، ومطالبين بمتابعة التحقيق حتى النهاية، لكي ينال عقابه كل مستحق العقاب”.

وتابع: “هنا نؤكد مجددا أن لا أحد فوق القانون ومن يعيق تحقيق العدالة مجرم بحق الضحايا الأبرياء الذين لم يشاءوا الموت، ولم يختاروا أن يكونوا ضحايا، وبحق أهلهم وأحبائهم المتألمين على فراقهم، وبحق شعبنا وعاصمتنا بيروت”.

وقال: “المسؤول الحقيقي الذي يعي مسؤوليته وواجباته يكون قدوة في احترام القانون وتطبيقه، وفي وضع كل إمكاناته بتصرف التحقيق لكي تنجلي الحقيقة. أما من يتهرب من وجه العدالة فيدين نفسه بنفسه، وإن نجا من حكم الأرض فلن ينجو من عدالة السماء. كما ندعو أبناءنا الأحباء، الذين أصابهم هذا التفجير الآثم بأي شكل من الأشكال، إلى عدم اليأس وترك هذه الأرض المباركة لمن لا يستحقونها. هنا وطنكم وأرض آبائكم وأجدادكم، وهي حق لكم، ومن واجبكم المحافظة عليها مهما قست الظروف، لأن هذا الليل، مهما طال، لا بد أن ينتهي، ولا بد للنور أن يشرق من جديد، وللأمل أن يزهر في قلوبكم”.

أضاف: “أما هذا المستشفى الوطني العريق فأعدكم بأنه سيعود مجددا، بمشيئة الله، وجهود إدارييه وأطبائه وممرضيه وموظفيه، صرحا استشفائيا علميا نفتخر به جميعنا ويفتخر به لبنان واللبنانيون. نحن لم نعتد الإنحناء أمام الصعوبات، والإنكسار أمام التحديات. صحيح أن خسارتنا كبيرة، وأن مؤسساتنا كلها أصيبت إصابات مباشرة، ويلزمنا الكثير من الجهد والوقت والمال لإعادتها إلى ما كانت عليه، لكن الصحيح أيضا أن إيماننا بالله لا حد له، واتكالنا عليه لا متناه، وعلى مثال ممرضتنا الحبيبة Pamela التي حملت، في عتمة الإنفجار وبشاعة الموت، براعم الحياة الثلاثة وخرجت بهم إلى الأمان، هكذا سنحمل الأمانة من عمق المأساة إلى الحياة التي نتمناها أبدية للبنان ولهذه المؤسسة التي ورثناها عن أجدادنا، وسنورثها للآتين بعدنا أكبر وأبهى”.

وختم: “ثقوا بالله وضعوا رجاءكم عليه ولا تخافوا لأن الإنسان المتخشع والمتواضع لا يرذله الله”.

بعد الجناز، عرض فيلم عن المستشفى كما كان بعد الانفجار يوم 4 آب 2020، مع شهادات مؤثرة لأطباء وممرضين وأشخاص كانوا في المستشفى حينذاك.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *