“ألوانك البهاء، يا أنت”… فارس الحرموني المهجري يكتب بيروت بـ ” قوس قزح” وأناشيد لأطفالها

Views: 752

ألبير خوري

   على قوس قزح “ألوانه البهاء” ، حطت حروف الكاتب، الأديب والشاعر فارس الحرموني المهجري، ومن هذا القوس، كتب “ألوانك البهاء ، يا أنت”، نشيد لأجل أطفال بيروت، الصادر عن “دار نلسن”، بيروت، طبعة أولى في 56 صفحة، يعود ريعه لمساعدة المتضررين من تفجير مرفأ بيروت ، وفي الإهداء “إلى أطفال بيروت الذين عانوا همجية تفجير مرفأ مدينتهم، والذي سرق منهم براءة طفولتهم ونقاوتها”.

   والنشيد كما أراده صاحبه، يختصر ألوان بيروت في زهوها وإنكسارها… إنه مهرجان حروف ملونة ، سوف تأخذ طريقها إلى المطابع في إصدار جديد مزين برسوم وخطوط ومائيات، وبما يتلاءم مع مزاج الأطفال وقدرتهم الإستيعابية، وقد باتت في العقدين الأخيرين أسيرة الألعاب الإلكترونية الضاغطة أكثر فأكثر بإتجاه العنف والوحدة والعناد.

   أدرك فارس الحرموني المهجري  صعوبة المهمة التي دخلها طيعا، وجعل كلماتها تتراقص أمامه ألوانا وصورا وآفاقا، إنطلقت من الآلهة  “آيريس” الرسولة، التي ما إن غطت على قوس قزح، حتى عبأت ذاتها وجناحيها بألوان راحت ترشها في فضاء مدينتها وعلى أرضها، في الشوارع والساحات لتبدو المدينة الأجمل والأرقى على مر العصور، وحيث في كل لون نكهة بيروتية شعبية وهندسية وحضارية وحياتية… لكن الأحوال تتبدل بين فترة وأخرى. ذلك أن الجمال والهدوء والسلام، يشد آلهة الحرب والبشاعة إلى زرع الشقاق والنفاق بين أبناء السماء نفسها. يقول الحرموني في ” رسولة الآلهة”: “لما تكسّرت الحراب والمسامير على جسدك، وغزى السواد العقول والقلوب والأجسام، جزعت آلهة الطيبة فتنادت لخلاصك ومناصرتك، وإرتأت أن أكون رسولتهم إليك، يا درة المدائن ولمع الأنوار…”.

   وحملت الرسولة إلى المدينة ألوانها: الأهم، لون التوق والهوى والوجه، الأرجواني رفيع المقام في بهاء الألوان، علا فوق المعابد والهياكل وبحر بيروت وصور وعاد  إلى البهاء، المرجاني، جمائل مرجانيات يحرك كرائم الألوان. الكحلي، نموذج البصيرة والإلمام والتبحر، الخزامى، الأناقة ورشاقة أزهار المروج الفيروزي، ملهم ذلك الإنسان من وسمها وسماها فيروز، الأزرق، الماء  والسكينة وأحلام النهار وملوانة السماء. الزهري، لون الحنان والرقة والطراوة، العاجي ، الرصانة والوقار، الأخضر، سيد الخصوبة والمقامات والتجدد وسخاء العطاء. البرتقالي لون البهرجة والحماسة والنخوة، الأصفر ثوب الحبور والبشاشة والبهجة، البني الأرض والتربة والحقبة مني وعندي. الرمادي الحصافة والتواضع والإعتدال. الأسود المنون والهلاك والتفجع والنواح، الأبيض السلم والسلام والحمام ونور مريم والرحمن الرحيم…”. ألوان أسبغ عليها المؤلف مسحة حضارية وبحثية في رمز اللون ومعناه ومايحمل من أبعاد جديدة.

   من يتابع رحلة آيريس الملونة، وصولا إلى مثولها أمام مجلس الآلهة، تتراءى له بيروت المهرجان والكرنفال والمآتم والأحزان. مشهديات مسلسلة شاء كاتبها أن يختصر المدينة التاريخية والعاصمة اللبنانية حين كانت عروسا، وحين أصبحت  ضحية. لكن الآلهة تأبى لبيروت مذلة أو فناء. ها هم ينشدون مع الشيروبيم ملائكة السماء ” من له بصيرة وعينان فليتسامى بالألوان”.

   ” ألوانك البهاء، يا أنت” دعوة البصر والبصيرة والقلب النقي إلى لقاء المدينة في قمة البهاء على متن النشيد والألوان والأسطورة والبراءة الأولى و البدايات.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *