سجلوا عندكم

مستنقع الحقد

Views: 290

خليل الخوري 

 

من خلال متابعة التطورات والأوضاع اللبنانية طوال حقبة غير قصيرة من الزمن، وأيضاً من خلال مواكبة التطورات والمستجدات الإقليمية والدولية في الحقبة ذاتها، من منطلق العمل والمسؤوليات الصحافية والسياسية، يمكننا الجزم بأن المرحلة اللبنانية الممتدة منذ انسحاب الجيش السوري من لبنان، وحتى اليوم، يمكن تصنيفها بأنها نسيج وحدها في سرعة الانهيار الشامل، غير المسبوق، عندنا في لبنان، والذي لا نظن أنه سيكون له مثيل في المستقبل المنظور…

ومع أن هذا الانهيار يطاول نواحي الحياة كافة، بما فيها السياسة والمال والأعمال والإعلام والقِيَم والأخلاق، وكل شيءٍ من دون أي استثناء (…) مع ذلك فإنني أودّ التشديد على ناحية لافتة جداً، ألا وهي ما ترتبط بمشاعر أهل السياسة التي يكنّونها بعضهم لبعضهم الآخر، والتي تتمثل بهذا الكمّ الهائل من الأحقاد والضغائن، وهو ما نرى، بل ونجزم، بأنه غير مسبوق على الإطلاق، خصوصاً في تراثنا اللبناني السياسي والأخلاقي بالطبع.

وإن أكثر ما يستفزّني، في هذا المشهد، هو بلوغه حدّ الوجع من حيث انعكاسه على القواعد الشعبية…

في هذا السياق أسمح لنفسي أن أزعم أن أهل السياسة، الذين ارتكبوا جرائم فظيعة في حق البلاد والعباد، إنما ارتكبوا الجريمة الأخطر والأبعد مدى وهي «تطعيم» (تلقيح ) الرعايا بلقاح الحقد والضغينة الذي له وظيفة واحدة لا غير، وهي أن يوطد مناعةً ضدّ المحبة والتسامح والألفة، إلى ما هنالك من مكارم الأخلاق، التي «نجحت» الجماعة السياسية في تهديم سُلَّمِها درجة وراء درجة.

إن من يتابع ما في مستنقع مواقع التواصل الاجتماعي ذات الصلة بالتموضع الحزبي وأيضاً الانتماءالمذهبي، التي يحوم حولها الذباب الإلكتروني اللبناني، يفجعه ما يواجه من انحطاط وكراهية وانعدام الأخلاق… بشكل مروّع إلى أبعد الحدود؟!.

وبعد، يجب ألّا يفوتنا، أبداً، أن هذا الجيل الفالت من كل عقال هو الذي سيتولى شؤون الناس في المستقبل القريب.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *