“رُباعیّة بیروت”… رَاحُوا وَتَرَكُوك

Views: 572

 

“رُباعیّة بیروت”  أناشید لفارس الحَرَموني المهجري نُظمت بین 2014 و2019، وكان الكتاب ماثـِلاً للطباعة قُبيل التفجير البربري لبيروت. صدر عن دار نلسن في بيروت.

يعود ريع الكتاب لمساعدة المتضررين من تفجير بيروت من خلال مؤسسة:

LIFE Humanitarian Relief Effort. Life Generation.

Website https://lifelebanon.org

 

 

 

فارس الحَرَموني المهجري

شَبَابُ الفِكْرِ والرّوح‏
مِن زمان هُمُ الأقرَبُ دَائِمًا
عِندَما تَكوَّنتَ وشَبَبتَ‏
وكُنتَ فِي نَشْوَةِ تِلكَ المَدِينَةِ

 

ثُمَّ كَانَ البَيْنُ
رَاحُوا وتَرَكُوكَ فِي‎‎ المَشِيبِ
مُتَسائِلاً حَائِراً وَحَيْداً
جُبْرَان، نْعَيمِةْ و‎‎الرّيحانِي

 

سَعَادِةْ، يوسُفُ الخَال ومَجلَّةُ شِعْرْ
أُنْسِي الحَاجْ ومُلحَقُ النَّهَارْ
سَعِيدْ عَقلْ الشّاعِر والرَّحابِنَةْ
عُمَرْ الزِعِنّي، محمّد شامِلْ وَشُوشو

 

بْيَارْ صَادِقْ، أمين الباشا وَغيراغوسْيان
خَلِيلْ حَاوي، زَكي ناصِيفْ والعَلايْلي
فُؤَادْ شْهَابْ‎‎ ونُبْلُ الجُهْدِ والبِناء
حِتِّي وحُورَاني وكمال الصَّلِيبِي

 

زوربا كَزانْتْساكْس ولُورَنْسْ دَاريلْ
بِرْغْمان ،فيسْكونْتي ،باستِرناك ودافيد لينْ
إِلْيا كَازَانْ ،مارْلونْ بْرانْدو وجيمْسْ دينْ
نَاتْ كِينغْ كُولْ وَمْحَمَّد عَلِي كْلَايْ
ت.إِسْ.إِلْيوتْ وَدو شَارْدَانْ
بَابْلُو نيرودا ،كامو  وديغولْ
غَاغارينْ فِي كَبْسُولَةِ الفَضَاءْ
وأَرمْسْترونغْ والخُطوَةُ عَلَى سَطحِ القَمَرْ

 

نَاصِرُ النّيلْ وجُول جَمَالْ
فَيَصَل الجَزِيرَة وبُورقيبَهْ
غيفارا، نَهْرُو ومَانْدِيلّا
وكَاسْترو عَلَى الطَّرِيقْ

 

إلَى مَطَارِحَ إلَى مَجَاهِلَ
إلَى حَيْثُ القَوْمُ غِيَابَا مَعَ الرَّحَمَاتْ
رَاحُوا
والَّذِينَ دَرَّسُوكَ وعَلَّمُوكْ

زِينَةُ المُعَلِّمِينَ المُرسَلِينْ
فِي الإِنْجيلِيَّةِ الوَطَنِيَّةِ والجَامِعَةْ
صَقَلُوا فِكْرَكَ، ومَهَّدُوا الطَّرِيقْ
وأسمَاءٌ سَكَنَتْ بَيتَ أهلِكَ

 

وَثِقُوا بِكَ وسَاعَدُوكَ
وذَاكَ الْحُبُّ

حَيْثُ الهُيَامْ والأيَّامُ والحَنانْ
رَاحُوا

 

وحْدُهَا فَيروزْ غَارُ الثِّقَةِ‏
أجْمَعَتْ آلِهَةُ المَشرِقِ عَلَى صَدَاهَا

وحَلَّتْ بَرَكَةُ “نجْمةِ البَحر ِعليها “(*)
وقُبَيلَ أن تَعْبُرَ النَّهْرَ إلَى بَحرِ الأَمانْ

مَا زَالَتْ تَحْرِسُ المَعَابِدَ‏
تُشْعِلُ المِسْكَ والبَخُورَ
تُوقِظُ المُدُنَ، تُنْهِضُ الشَّعْبَ‏
تَشْبُكُ السَّوَاعِدَ، وتَهْزُجُ نِعْمَةَ الفَرَحْ

 

ترْوِي الوَطَنَ، تُمَسْرِحُ البَلَدَ

 تَغْزِلُ المُدُنَ، تبْتَسِمُ

تَخْتَصِرُ الكَلاَم وتَفُوزُ بِأنَّهَا المَسَافَةُ
وحْدُهَا فَيروز ومَعَ إبنِهَا‏

 

كَنزٌ زَادٌ مَدَى العُمرْ
نَشِيدٌ كَامِلٌ لَن يَهدَأْ
لِصَدِّ الغِرْبَانِ البيْضِ السُّودْ
ورَدِّ عَصْفِ الغَطَارِيسِ‏
عَنِ الإِنْسَانِ والعُمْرَانِ
لِدَرْءِ العَفَنِ وَغَدْرِهِمْ وَنَهْبِهِمْ‏
وَنَهَمِهِمْ وَشَبَقِهِمْ وَالفِسْقِ
وقَرْصَنَتِهِمْ وإنْعِدامِ الصَنَائِع

 

قُبيلَ أَن تُبِيدَهُمْ مَغَارَةُ التُخْمةِ‏
لِأنَّهُمْ لَا يَقرأونَ ولَا يَفقَهُونَ‏

ولا يَعُوا الخَطَأ من الخَطيئةِ
ولَا يَهتَدُونْ

 

ومِهْيارُ يَطوفُ فِي أرْجَاءِ الدُّنْيَا
يُحَلِّلُ التُّرَاثَ، يُحَاوِلُ ولَعَلَّ
لَكِنَّهُ يَدْرِي أنَّ الرُؤيَةَ والتَّحَوُّلَ 
يَتَرافَقان عَلَى طَرِيقِ دِمَشْقِ العَتيقَةْ

 

وحْدُهَا فَيْروز
ومَا زَالَتْ نَشيدَ الْأَمَلْ
تُغَنِّي، تُغْنِي وتُصَلِّي
لِلخَصْبِ، لصَخَبٍ بَيْروتيّ

 

يَستَنْهِضُ يَوْماً جُمُوعَ الآلِهَةِ
صَغِيرَهُمْ كَبِيرَهُمْ ومَا بَينَ السُّطور
طِينَهُمْ ذَهَبَهُمْ والمَرْمَرْ
عَرَائِسَ الجِنِّ الحُمْرِ الأُرجُوانْ

 

والمَشالِحَ الزُّرقِ الْبِيضِ الفَلاَسِفةَ
وكُلَّ مَشْرَبٍ ومَنْهجٍ، وبَهاءَ الأَلوَانْ

لِيَهْزُجَ الشَّعْبُ مَعَهُمْ بِالصَّوْتِ المَلآنْ
لا يُغَيّرُ اللهُ ما في الأنْفُسِ إلاّ

 

 وكَما نَكونُ، عَلَيْنا يُوَلّى

 يَبْنِي ،يُبْدِعُ ، يَرْقُص ويُسَبِّح

 يُنْشِدُ، يتصَوَّفْ ويُشَيِّدُ الأعْمِدَةَ

والتَّمَاثيلَ والرُّسُومَ والمَحَارِيبَ

 

 والحِجارَةَ والبُنيانْ
يُرَنِّمُ، يُرَنْدِحُ، ويُرَنْدِمُ المَواويلْ‏

 يُزَلغِطُ والطَّرِيقُ وَالقَوْمُ سُكَارَى
يُسَبِّحُ الخَالِقَ فِي نَشْوَةِ الألحانْ

 

عَلَى الأَدْرَاجِ والمَسَارِحِ والشُّطآنْ
وفِي الطُّرُقِ والمَعَابِدِ‏
والسَّاحَاتِ والجَنائن

وحَوْلَ اليَنَابِيعِ والأَنهَارِ

وحُقُولِ القَمْحِ وجِلالِ الجِبالْ
يُضِيءُ مَشَاعِلَ التَّنْوِيرِ والزَّيتونْ‏
يَنْحَنِي لِلحُرْمَةِ وَالدِّيارِ وَيَتحَضَّرْ
يُعطي لِقَيْصَرَ ما لِقَيْصَرْ

 

يَحْمِي الحَضَاَرةَ وَالحُرِّيَّةَ والإنْصافَ العَدْلَ

وَالقانونَ والمُسَاوَاةَ وكَرَامَةَ الإنْسانْ

 وسَلاَمَةَ الطَّبِيعَةِ وكُلَّ شَيْءٍ حَيّْ‏

كُلَّ صُبْحِيَّةٍ وكُلَّ صَبَاحْ

 

كُلُّهُمْ رَاحُوا وتَرْكُوكَ فِي العَرَاءْ
مُنْشَغِلًا بُغْيَةَ دَرْءِ الحَاجَةْ‏
وأنْ تُسْنِدَ الأهْلَ والنَّاسْ

وأن تَقْطُفَ العُلُومَ والسَّفَرَ إلَى الغيومْ

والغَوْصَ فِي قَلْبِ المادَّةْ
وتَخَافُ تَخَافُ تَخَافْ
أن يَسْبِقَ العِلْمُ الإنْسانْ‏
فِي روْحِهِ وَفِي بقَائِهَا‏

 

وتَتوجَّسُ مِنْ تَدْمِيرِ الهَيَاكِلِ
وَما هُنَاكَ الصَّوْتُ
ولا سَوْطُ الجَلِيلِيّ
مُعَلِّمِ الثُّوَّارِ لِآخِرِ الزَّمانْ

 

وَمِنَ التَّعَمُّقِ وَالمَعرِفَةِ إلَى الغَبْرَاءْ
إلَى دَوْرَةِ عُمْرٍ
تُلَمْلِمُ النَّفْسَ وتَهْدَأُ قَلِيلاً
تَستَغْفِرُ، تَترَحَّمُ، وَتَستَنيرْ‏

 

تَستَحْضِرُ بَرَكَةَ بيروت البَهِيَّةِ
حَيثُ تَرَعرَعتَ‏
والصَّبِيَّةَ القَريبَةَ مِنَ الضِلْعْ
بيروت نِسَاءَ المَعْمُورَةِ

 

بِنتَ أدونيس وعِشْتارْ
يُنبُوعَةَ الجَمَالِ والكَمالْ
تَخَافُ عَلَيْهَا
أن تَتَذَكَّرَ 

 

وتَأْرَقَ وتأْسَى
تَستَعِيدُ وتَستَذْكِرُ‏
ولَكَ أسَفُكَ وتَظَلُّ تَتسَاءَلْ
تَناجَيْنَا، وماذَا جَنَيْنا؟

 

فَمَا نَجَوْنَا مِنَ الخَطَأِ
وبَسَاطَةِ الأهْلِ والجَماعَة
وعُسْرِ هَذِهِ الدُّنْيَا
حَتَّى ثُقْبِ الأقْدارْ

 

ولِأَنَّكَ لَم تَدْرِ لِمَاذَا!‏
مِنْ عِلَّةِ التَّكَبُّرِ‏
وعَمَى الكِبْرِيَاء
وصَمْتِ مَدَى عُمْرٍ… أَصَمّْ

 

وَهَا أَنْتَ‏
تَظَلُّ تَتذَكَّرُ
وتَستَعيدُ العُيونَ الحُوْرَ
والشَّعْرَ الَّذِي فِي سُدُولْ

 

والقَامَةَ حَيْثُ العُلوّ
ورَشاقَةَ الطَّلَّةِ
وحُسْنَ المَعْشَرِ
وأناقَةَ النَّفْسِ

 

ومَرَحَ الأيَّامْ
تُقْرِضُ الأشْعارَ
تُضِيفُ القَصِيدَةَ إِلَى أُخْتِهَا
وتُنْشِدُ لِذَلك الزّمانِ الشِّعرْ

 

 
ولِلأيامِ التّاليةِ
بِالْكادْ، أسْطُراً مِنْ دَفْترِ نَثرْ
ذَلِكَ هُوَ الزَّادُ الخَيرْ
وتَتأسَّفْ

 

وَهَا أَنْتَ
لِلمَعْذِرَةِ والمَغفِرَةْ
لِلكُلِّ وعَنِ الكُلّْ
تَترَحَّمُ عَلَى الأهْلِ

 

تَتمَنَّى لَهَا سَنَدَ الْبَنينِ
ولَهْفَةَ الحُفَداءْ
ورَاحَةَ الرُّوحْ‏
وسَلامَ الجِنانْ‏

 

وتَظَلُّ تَتأسَّفْ
وفِي آخِرِ المَطافْ
تُسَلِّمْ نَفْسَكَ‏
“لِنَجمَةِ البَحرِ‏

 

لِتُسَامِحَنَا وتُبْعِدَ عَنَّا أسْرَابَ الشُّرُورِ
وهِي تُدْرِكُنَا مِنْ كُلِّ جَانِب
وتُخَفِّفُ مِنْ أثْقَالِنَا وهُمومِنا‏
وتُخَلِّصُنَا مِنْ خَطايانَا

 

كَيْ حَيَاتُنَا البَاقِيَةُ تَبْقى نَقِيَّة
وطَرِيقُنَا بِلَا خَطَرْ
وأَنْ نَكُونَ الوَداعَةَ وَالطَّهارَةَ (*)

كُلُّ أمْرِئٍ أَنْشَدَ مَوَّالَهُ‏

 

وأَصْغَيْتَ السَّمْعَ مُتَذوِّقًا
لِأَنَّ صَوْتَكَ‏
لَمْ يَكُنْ طَرُوباً وحَيْثُ الشَّذَا‏

لَكِنَّكَ لَا بُدَّ أَنْ تَسْتَعِدَّ‏

أَنْ تَعِيَ الْوُجُودَ ذَاتَ يَوْمٍ
“لِرَعْشَةٍ بِلَا انفِجارْ”‏ (*)

لِتَلْحَقَ هَدِيرَ رِفَاقِ الفِكْرِ والرُّوحْ
أُولَئِكَ إنْعَتَقُوا أنْقِياءَ ‏

 

مِنْ كَلِيلَةِ وَدِمْنَةِ ذَاكَ الشَّرْقِ الآسِنْ
إرْتَحَلُوا رَاحُوا وَارْتَاحُوا
رُسُلٌ أَحْرَارٌ تَحَرّوا
مِنْهُمْ مَنْ حَرَّرَ

 

ومِنْهُمْ مَنْ حَارَ‏
ومِنْهُمْ مَنْ نُحِرَ
وكُلُّهُمْ مَنْ كَافَحَ وعَلَّمَ
ومَنْ سَارَ إلَى الحُرِّيَّةِ‏

وكُلُّهُمْ مَنْ حَنَّ إلَى الحَبيبِ
ومَنْ كَانَ حُمَّيَا الرّوحْ
وارْتَضَى حُسْنَ الخاتِمةْ‏
فَحَمَلَتْهُم الرّيحُ وأحْيَتْهُمْ

 

فِي الرَّاحَةِ فِي دَارِ الخُلودْ
رَحَلُوا رَاحُوا وَارْتَاحُوا
يَا فَارِسَ الْحَرَموني
وَسَبَقوكْ‏

*** 

(*)  صلاة لمریم.

(*)  صلاة لمریم.

(*)  T.S.Eliot: The Hollow Men.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *