الأزمات المستدامَة

Views: 519

خليل الخوري 

 

لم يكن ينقص لبنان أزمة جديدة، لنعرف أن هذا الوطن عالق في نفق مظلم لا تنفع معه محاولات الحلول، أو أي بحث عن حلول، لا تبدو لها أي معالم في الأفق.

مأساة هذا الوطن أن أزماته تتراكم فلا يصل أي منها إلى حلٍّ، ولا حتى إلى أي مشروع للحل. وبالتالي فإنه يبدو وكأن قدَرَه ان يغرق في الأزمات إلى ما لا نهاية…

والأزمة المستجدة التي طرقت أبوابنا في الأيام الأخيرة، من دون سابق إنذار، لم تكن على البال ولا على الخاطر، وحلّت علينا بظلالها الثقيلة لتضاعف مأساتنا وتعمّق جراحنا، وتؤرّق ليالينا…

لقد بات طموحنا مقزّماً إلى أدنى الحدود، بل إلى الحدّ الذي لا يُصدّق… وإلى ألّا نغمض أعيننا على خبر جديد، وألّا نفتحها على خبر جديد آخر… اقتناعاً منّا، بالواقع والقياس على تجاربنا المتعاقبة، بأن أي خبر يتعلّق بنا ونتلقاه، لن يحمل لنا سوى نُذُر الشر، والمأساة، وأقله الضرر والأذى.

ولعلّنا، في هذاالسياق، من أكثر بلدان العالم الملقاة على شعوبها وعليها لعنةٌ لا تُزاح  إنما هي مخيّمةٌ في سماء هذا الوطن منذ سنين وعقود، وكأنها القدَر المحتوم.

فما أن ترحل أزمة حتى تحلَّ مصيبة، وما أن ترحل هذه حتى يدهمنا مأزق، وما أن يغادر هذا حتى تقتحمنا كارثةٌ، هذا إذا رحنا إلى السيناريو الأفضل، باعتبار أن الكلام على ما يحلّ بنا من كوارث ويصيبنا من نكبات هو قابل للحلحلة فالرحيل، إذ الواقع أن تلك الويلات كلها باتت مستوطنة عندنا باستدامة لا نهاية لها في الأفق. بل إنها باقية في ذاتها، وبإرادة الطاقم السياسي العَفِن، المهيمن على شؤوننا، وشؤون وشجون أبنائنا من بعدنا. وكما نحن نتوارث تداعيات أخطائهم وارتكاباتهم وفسادهم، فإنهم (في المقابل) يتوارثوننا من جيل فاسد إلى جيل أشدّ فساداً… وأمّا ما يذهب إليه الأميركي والأوروبي وسواهما من تلويحات وتهديدات وإنذارات وعقوبات (…) فهو ليس أكثر من ذرٍّ للرماد في العيون، في إطار لعبة استنسابية قذرة، ولكنها مكشوفة بداهةً ولا تحتاج معرفتها إلى كبير نباهة وذكاء.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *