العصفورة
د. جان توما
تطيرُ من غصنِ أغنية إلى آخر. لا أجنحة متكسرة لديها، بل تطير حرّة فيما تتلمّس أنتَ وجع ضلوعك وتتفقّد قلبك المكسور وركبتيك المخلّعتين.
هي “عصفورة الشجن”عند فيروز التي تطيح بالحدود، ويصير مدى العينين انفتاحَ المساحات وتكاملَ المسافات حيث “لا أرض ولا سكن”، بل ” عيناك هما سكني”. هكذا عصفورة فيروز ” زمان ضاع في الزمن،”خلف حدود الأمس والوهم والبال، وما كان.
هكذا أيضًا عصفورة النهرين. هما يفترقان ثم يلتقيان وقد لا يتواصلان. ضاع البيت مع عصفورة وديع الصافي. هجره النوم، وافتقد خيال الشمس، ورحل مع رفّ الحساسين في شتات العمر. صار العالم غابة الضياع، تشابهت الأشجار منذ محت حبّات المطر أسماء العاشقين عن جذوعها.
لم يبق لعصفورة الشجن وعصفورة النهرين، وقد صار الكون ملعبهما، إلّا العودة إلى ريف العين، وتمايل الصبايا على دربه أمام سور التوت، وحبّات التين، ودموع الكرز واللوز.
***
(*) اللوحة للفنان محمد عزيزة