ندوة حول “جذور وإنتماء” لمروان فارس في نقابة الصحافة
اقيمت ندوة لمناسبة توقيع النائب السابق الدكتور مروان فارس كتابه “جذور وانتماء” مساء اليوم، في نقابة الصحافة، في حضور وزير الشباب والرياضة الدكتور جورج كلاس، الوزير السابق بشارة مرهج، النائبين السابقين عاصم قانصوه ونزيه منصور، ممثل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط رامي الريس، رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي ربيع بنات، ممثل نقيب الصحافة عوني الكعكي فؤاد الحركة، عميدة الثقافة في الحزب السوري القومي الاجتماعي فاتن المر، اضافة الى حشد من الشخصيات والهيئات السياسية والحزبية والاجتماعية والثقافية والفكرية والاعلامية.
وقدمت للندوة زهرة حمود، ثم رحب الحركة بالحضور، مثمنا “العطاءات الادبية والفكرية والسياسية والبحثية للدكتور فارس طوال السنين الماضية، وبالاخص ثمرة كتابه الذي يوقع اليوم بعنوان “جذور وانتماء”.
كلاس
وقال الوزير كلاس: “يسعدني الإنتداء معكم لأرتقي منبر محبتكم، وأشهد لمروان فارس في إحتفالية تألقه جذورا و إنتماء، وأقول تقويما: مروان فارس: يكفيك الإسم، مروءة وفروسية، ويزيدك العنوان تأصلا وإلتزاما، خارج أي توصيف أو لقب أو منصب، يدعونا مروان فارس هذه المسوة، الى مقصف فكري، زاوج فيه بين الفخر بالأصول والإلتزام بالقيم، وأعد لنا مائدة أطباق لذة من المشهيات، سر النكهة فيها، أنها جذابة للأذواق رحابة بالضيوف، بشارة بالأخلاق تفخيما، هلالة بالسيوف تعظيما”.
واضاف: “على قاعدة، أن ما من شيء ثابت إلا الماضي، ينضح الدكتور مروان مضامين مؤلفه الثاني عشر بحبر صفائه، ليكتب حوار السياسة والثقافة، بأسلوبية عقلية رفيعة، وفكر نقدي منهجي، زاده غنى عبق وجديات صريحة جريحة رصفها من قطوف الذاكرة، مستذكرا المرارات، متذكرا الحلاوات، مذكرا بالقيم، محذرا من الإنزلاقات، موصيا بأن تبقى العين أوسع على القضية، وبتنبيه الضمير أكثر على المصير، مفاخرا بقاعه التي إنطبع بها، معتزا بعيلته وبيئته البعلبكية، التي يطرز إطارها، بفنية إحترافية راقية. ولي أن أتخيل واقول: إنه يحور و يدور ويتماجد أن منطقة بعلبك – الهرمل، هي بيئة التنوع والنوعية، بكل تنوعات الوصف وتلوينات الرسم وإشراقات النور وإنعكاسات الظل، حتى لتخاله، مخرجا مسرحيا عالي المهارات، يخلق من فلسفة تباين، الأبيض والأسود في الصورة، تحفيزات للذاكرة على التضلع من ثلاثية: الإستفهام للفهم والإفهام ويطبقها هنا وجدا وقصدا، بثلاثية مروانية قاعدتها”.
واردف: “التذكر للاستحضار والتذكير للاتعاظ، والإستذكار للوفاء. هذا الكتاب، هو مروان فارس، كتبته الأيام شأنا ونجاحات وخيبات، فكتبها سيرة حياة ودونها مذكرات، أقرب الى بوحات في كرسي إعتراف، ووصايا إستودعها نبض الاجيال، خائفا على النهضة من أخطار وتحديات ظلامية. هذا النبيل القلم، والصريح الفكر والحصيف القول، والمرؤي السلوك، الفروسي المواقف.…شرفني بدعوتي للتكلم بإحتفالية صدور كتابه جذور وإنتماء، والذي يطيب لي أن هنا، أن أشهد له وأستشهد به وأقر له بعمقيات إحترامي، لفكره الإنتفاحي وأفكاره الصلبة وأكاديميته الرفيعة ومؤلفاته الثرة، التي ذكرها فقط للتذكير من دون الغوص بقيمها البحثية ودلالتها الحضارية وتألقاتها النقدية، تأليفا وتعريبا وأدبا وفكرا ولسانيات. لعله تقصد أن يغمز لنا، بأن نرنو اليه من هذه الكلية الثلاثية الأبعاد، متيقنا أن ثمة من سيولي أثاره الكتابية إهتماما و تركيزا و تقويمات بحثية مستحقة ، وإني لمطمئنه أننا في جهوزية لحظوية لنكتب . و في حضورية مشهدية لنقول فيه ما يستحق وإنه لمستحق”.
وتابع: “دكتور مروان…هذا وعد وعهد. من قادر لأكاديميتك، ومعجب بنبالة كتاباتك، أديبا ينثر، وشاعرا ينظم، ولسانيا يفكك، ومعربا ينقل، ونائبا يشرع، وعقيديا يصون.
هذا الكتاب، بتوصيفاته وتقسيماته السبعة، سفر بأيات كثيرة وبيت بمداخل سبعة:
مدخل “زمانية ومكانية” الجذر، ضيعة وعيلة، وملاعب صبا وبوادر وعي، و نضالات ميدانية تعلما وتعليما، وتأسسا على إلتزامات، وتكون شخصية. مع مرفقات نوارة تضيء على قدر المرأة، أما وأختا وحبيبة وبنتا في فكره التأصيلي، حيث أحلها مكانة الصدارة حنوا إذ كان ولدا، وحبا متى شب، ورعاية إذ أصبح أبا، ونصرة لما شرع ودافع عن حقوقها وكيانيتها. وإذ يبوح لنا عفوا أن له أشعار مكتومة، وإذ تحققنا من شعرية قولاتك ولطف تعبيراتك، صار لنا الحق أن ندعوك، يا دكتور مروان لأن تحرر قصائدك المخبوءة من معتقلها الذي هو أنت.
مدخل “الإلتزام الحزبي”، بما تضمنه من عناوين، حول التضلع من الفلسفات والتعرف الى الأفكار التحررية والوجودية. الى طرح قضايا الإنتماء الوطني و مخاطر الإنغلاقات الطائفية والتشظيات المذهبية. وليس أقل خطرا الوقوف عند مسببات وتداعيات الإجتياح الاسرائيلي، و مسارات الأحداث القاتلة والحروب التي أدمت، والجراح التي فتتت…و كلها ندوب بليغة العمق في الوجدان والعقل والذاكرة، التي يسترجعها مروان فارس آهات ساخنة، وقاظة للعقول نباهة للأذهان.
ثالث المداخل، يلج الى أزمات العمل الوطني بمعوقاته وتحدياته، وإنقسامات الداخل، تأثرا وتأثيرا بالفرز الطائفي، الذي أوصفه أنه مقتلة الأوطان. وفي هذه المكتوبات، إعترافات هادئة و تأسفات حارقة على مجتمع إبتعد عن قيم الاديان وروحانياتها، ووقع في جهنمات الشرذمة الفكرية والضياع الايماني، وعاش سجين إرهاصاته و توهماته الى أن إنكشف انه بلا غطاء، و إكتشف أنه أخرج من زمانه من دون أن يبقى له أثر في الجغرافية. تلكها، تقديمات واقعية ومقدمات إقناعية، وموجبات لازمة لأن يرفع المؤلف راية الإنقاذ البيضاء ويقول: إذ الحل بالعلمنة والدولة المدنية. هذا هو مروان فارس المكتوب هذا الكتاب. حسبه سياسي يفكر ويكتب…ومفكر يتعامل السياسة بشرف وإلتزام.
وما في هذا المدخل من صريح قول، يحرضني أن أسأل بغيرة إنسانية عن منسوب تماهي مذاكرت مروان فارس، كأمين عقيدي، مع مذكرات الحزب السوري القومي الاجتماعي كفكر تنظيمي؟ وليس لي ان استخلص أو أحلل، بل لفتة الى جرأة تذكر ودعوة منه الى الإعتبار.
ومن مدخل رابع، يطل الكاتب المتذكر على واقع أزمات، تبدلت بين تباينات رؤى ومبادرات، ما قدم لعملية نقد ذاتي، و خارج أي إدعائية، و بعيدا عن الفخورية النرجسية، التي غالبا ما تشيع في أدب المذكرات وتقنية تدوين الماجريات واليوميات ومفاصل الأيام، وهنا تتأكد المنهجية الاسلوبية والحرية الفكرية الي إعتمدها مروان فارس في مؤلفاته الاكاديمية ومواقفه النيابية والتشريعية، تطويرا لقوانين وتقديم إقتراحات وفنية نقاشات نقدية.
وولوجا الى خامس الأبواب، يرفع مفكرنا قلمه شمخة رأس و مجدية عنفوان، معلنا أن الثقافة مسؤولية، ملتزما بما تفرضه منهجيات التفكير وأصول البحث في عملية إنتاج المعرفة وتأصيل الثقافة، وتركيز مؤسسات عقيدية وفكرية، تعكس المنحى المؤسساتي في مسيرة مروان فارس، من تنظيم دوريات وتقنيات توثيق وفن مكتبات، مثبتا أن إنتاج الفكر وإصدار المؤلفات والإلتزام بفعل الكتابة، إنما هو خيار وواجب للمفكر المنتمي، يرسم به الخط البياني. وهذه أولى قواعد الإلتزام الحزبي العقيدي، أن يكون المسؤول الحزبي، عارفا بما يقول، وعارفا بما لا يقول، حرصا على نقاوة الكلمة وتحصينا للموقف، مبتعدا عن مخاطر تأويل كتاباته و تفسير مواقفه، لأهداف تضليلية”.
واشار كلاس الى “هذا الحرص اللافت في كتابات الدكتور مروان، على إختياره الكلمة الأصح في الموقع الأصح والزمن الأصح، ينسل من ثقافته اللغوية في التعبيرات اللسانية، حيث الألسني أشبه بالجوهري الذي يتفنن بتركيب الجوهرة في مطرحها الأنسب والاجمل، وأقرب الى الرسام الإيقونوغرافي الذي يعيش الآية قبل أن يكتبها إيمانا وفنا وزخرفات لونية توحي بجلالة المشهد المتخيل”.
واضاف: “وإذ المواضيع تتوالى في هذا الجناح من عمارته الفكرية الثقافية والادبية ، بعد تعداد ثبت بمؤلفاته وتعريباته، أسأل مروان فارس، وهو الاكاديمي الرصين، عن سر موائمته الناجحة بين كتاباته العقيدية و فكرياته البحثية، حيث نجح بالفصل حيث وجب الأمر، كما أبرع وبالتوليف متى دعت الحاجة. وهو في كل ما كتب و فكر إبن فكره و سيد قلمه”.
وتابع: “سادس أبواب كتابه مشرع للكلام عن رؤيته وعمله في المهام والأمور الخارجية، التي تولى شؤونها من ضمن مسيرته الحزبية، وأسس، وفق ما إستخلصت من إنتهاءات، لمفهوم الدبلوماسية الحزبية الهادئة التي حرصت على جلو الصورة و نقاوة الرؤية والدفاع عن الحق، بعقلانية إقناعية أثبتت فعاليتها في محطات مفصلية، كما في مواقع مصيرية ومن على منابر فكرية ودولية كبرى.
وقفلا لسباعية مداخله، يطرح الدكتور مروان من موقعه العقيدي وكيانيته الفكرية، إشكالية العلاقة بين: السلطة والحرية، من منظور نقدي بنيوي، يبنى عليه في أي رؤية تحديثية و تطويرية مستقبلية هادئة، مستحضرا قولا لأنطون سعادة: “كما كنت سأكون”، منطلقا من هذا الموقف لإعادة تزخيم الثوابت و تفعيل الأفكار وترسيخ المبادئ في كل خطوة يقوم بها أو بادرة يطرحها”.…
وقال كلاس: “نختم هذه البانوراما التوصيفية لفكر مروان فارس، بعجالة تقويمية تؤشر الى قدراته الكتابية والسياسية والبحثية، من دون أن تفيه حقه من الإنصاف في زمن غلبت فيه التعادلية المصلحية عدالية الفكر و إعتدالية المواقف وإذ الانسان يقاس بمواقفه، فإني اسأل: ترى ماذا سيكتب مروان بعد هذا الكتاب؟، ومن سيكتب عن مروان الاديب والفارس المفكر؟”.
وختم: “في عصر الازمات التي تتوالى مآزق، و تفرض القوانين القيصرية المستوردة و الموردة وتلك المحلية الصنع على أهلنا، نتبصر بما نحن فيه ونستعيذ مما أمسينا عليه، ونقول تصبرا:” اللهم أعنا أن نصبر على ما فهمناه و إذا لم نفهم أعنا ان نصبر على ما فهمنا وما لم نفهم”.…
مداخلات
والقيت مداخلات لكل من الاعلامي سامي كليب والفنانة نضال الاشقر وعميدة الثقافة في القومي فاتن المر والنائب السابق نزيه منصور.
وثمنت المداخلات “اصدار الكتاب القيم من اصدارات فارس الفكرية والثقافية والادبية والعقائدية والذي يصل تعدادها الى 12 كتابا حول السياسة والشعر والادب والبحثي بأسلوب فكري عميق ومهجي، استذكر فيها المرارات والحلاوات في مسيرته ورؤيته وعمله في الشؤون الخارجية التي تولى شؤونها الحزبية والتي حرصت على حلو الصورة ونقاوة الرؤية والدفاع عن الحق والقضية وعلى رأسها القضية الفلسطينية والتي اثبتها في محطات مفصلية، كما في مواقع مصيرية ومن على منابر فكرية ودولية منطلقا لاعادة تنظيم الثوابت وتفصيل الافكار وترسيخ المبادىء في كل خطوة يقوم بها او ببادرة يطرحها”.
فارس
وفي الختام، كانت كلمة مقتضبة للمؤلف الدكتور فارس قال فيها: “في هذا الكتاب ذي الفصول الستة، جملة من التجارب التي عبرت تاريخ لبنان الحديث، كلها توق لما يعبر به الوطن الذي مر بصعوبات كثيرة، كثرة الموج في البحر الذي يطل عليه، كثرة الانتقال من وقت الى اخر، عله يحمل التغيير المتوخى كي تستقيم الامور، فنذهب من زمن الى زمن اخر، تعبق فيه روائج الرياحين وتنتقل الغزالة من بقعة الى بقعة اخرى، عل الكتابة عما مضى، هي ذاتها الكتابة عما سوف يأتي”.
وختم: “اشكركم ايها الاصدقاء جميعا، لأنكم اتيتم لنتشارك معا في قراءة الوقت الجديد، وقت الناس كل الناس”.