إلى حينِ… بلوغ!

Views: 121

د. عماد يونس فغالي

 

هتفتْ صاحبةُ الكتاب: أكتُبُني. تقول أنا أكتبُ أنا. هو عنوانُ الكتاب كلّه. كأنْ عنوانُ كلّ النصوص وكلّ نصٍّ منها. القصدُ في كلّ نصٍّ أَكتُبُني تقول. وهي تفعلُ كلَّ مرّةٍ يكتشفها قارئٌ، كاتبةً أناها في السياق.

أكتبُني حين أحببتَني. يدخلُ “أنتَ” شخصيّةً فاعلة على فعل الكتابة بفعل الحبّ. لكنّ الحبّ قد يكون ناقصًا، وقد تكون تعبيراتُه مبتورة. في كلّ هذه تكتبينكِ سحر حيدر.

قد تبغين كتابةً في الحبّ الذي تَنشدين، أقصد الحبّ المطلق. لكنّ الواقعَ، العلائقيّ خصوصًا، لا يَهديكِ إليه، دائمًا أقلّه.

من اليمين: د. سحر حيدر، د. ربى سابا حبيب، د. عماد يونس فغالي

 

قيل يومًا: نحن في مجتمعٍ شرقيّ. أن اقبلْ! ماذا تريدني أن أقبل يا صاح، وأنا في سياقِ “أكتبُني حين أحببتَني”، مدعوٌّ إلى وليمةٍ لا طبقَ قَبولٍ فيها إلاّ للحبّ، للإنسان.

بين “أكتبُني” الجملة الفعليّة المكتملة في الشخصيّة الواحدة فعلاً وفاعلاً ومفعولاً به، وأحببْتَني، الفعل الأُخرويّ الفاعل في كلّ آخر وعدّة “آخر”، كلّ المصداقيّة. حين أحببتَني، نعم. أي حين قبلتَني كما أنا، في اختلافي أوّلاً، لكن في تميّزي وامتلائي إنسانًا من دون ظنونٍ وخلفيّاتٍ دونيّة!

إذا رحتُ في لاهوت، أكتبُني تفترضُ الكلمة. الكلمةُ جرحٌ، أي وجود. الموجود المطلق هو الله. هكذا بدأ يوحنّا إنجيلَه: في البدء كان الكلمة، والكلمة هو الله. ليعودَ في رسالته يقول: الله محبّة. أكتبُني في الله، حين أحببتَني، حين رأيتَ فيّ الله!

الكتابُ سياقٌ متواصلٌ في ما سبق. أتصوّر الكاتبةَ جالسةً إلى منظارها، تتنقّلُ في مشهديّاتٍ تنعكسُ مِدادًا، يخطّ لوحاتٍ بألوانٍ قاتمة حينًا، بيضاءَ أحيانًا وحيّةً بتنوّع، لكنّها برّاقةٌ ضوئيّةٌ في خلفيّاتها. دلاليّة في مرسلاتها. غالبها رجلٌ وامرأة يلتقيان ويتباعدان، ملكان يملكان الحياة. الصدق يرافقهما في غرّةِ النهار، في أنفاق مروراتهما، وفي بلوغاتهما، أمرْضيّةً كانت أو مرَضيّة.

الأستاذة بهيه صبحي صلح ود. عماد يونس فغالي

 

في قراءتي، أبحثُ عن نقطةِ الوصول، أنتظرُ النهاية. أيّ زادٍ أتناولُ من الصفحات حين آتي كلَّها؟ سأتركُ حالي معكم، لا نحكم، نتلقّى وحسبُنا… لكنّ أمنيةً أظنّني أتشاركها والكاتبة، دعونا في تأمّلٍ مستمرّ: أيّةُ كلمة نكتبُنا؟ كيف نتشكّلها؟ هل نصلُ خواتيمَ الحبّ اللاختامَ له؟

هل نجرؤ قولةَ العنوان: “أكتبُني حين أحببتَني”؟ حبّذا!

في ٧ تمّوز ٢٠٢٢

***

*ألقيت في حفل توقيع كتاب الدكتورة سحر حيدر “أَكتُبُني ….حين أحببتَني” (منشورات منتدى شاعر الكورة الخضراء عبد الله شحاده الثقافي) في الجامعة الانطونية -البقاع

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *