المنّ والسلوى
خليل الخوري
لو شئنا أن نأخذ بكلام الرئيس نجيب ميقاتي، أمس، في المجلس الاقتصادي (ونحن نودّ أن نأخذ به)، لخُيّل إلينا أننا مقبلون على مرحلة من الرخاء، غير المسبوقة، حتى في عهود الازدهار التي مرّت على لبنان .
ونبادر إلى التأكيد على أننا كنا نفرك العينين لنتبيّن أن الذي يتحدّث، أمامنا، هو دولة الرئيس ميقاتي وليس أي مسؤول سواه.
فلقد تناول دولته الأولويات العديدة بالتفصيل، من دون أن تفوته الإشارة إلى مصادر التمويل. وقد توقّفنا عند الآتي:
أولاً – واضح من كلام رئيس الحكومة أن موضوع الاستقالة غير وارد عنده، ليس فقط لأنه لم يأتِ على ذكره، إنما كذلك لأن هذا الحشد من المشاريع يستغرق وقتاً طويلاً، ما يتجاوز عمر هذه الحكومة القانوني ليس بأشهر، إنما بسنوات.
ثانياً – اللافت أيضاً أن رئيس الحكومة أحال التمويل على البنك وصندوق النقد الدوليين.
ثالثاً – هل أصبح التمويل مُنجزاً، أو أنه لا يزال قيد التداول بين لبنان والصندوق والبنك؟
رابعاً – ألا يُفترض بهذه المشاريع، أو بعضها على الأقل، أن يُعرض على مجلس الوزراء للإقرار؟ ولكن كيف يحدث ذلك والمجلس مفروضٌ عليه «بلوكاج» تام من قبل ثُنائي أمل – حزب الله؟ وهذا مُستمرٌ إلى أمدٍ غير مُحدد لأنه مُرتبط بـ»قبع» القاضي طارق بيطار من التكليف بتحقيق المرفأ، على ما أعلن ويُعلن طرفا الثنائي باستمرار.
خامساً – لافتٌ أيضاً، في كلام دولته، أن الخزينة خاوية، وهذا ما يعرفه الجميع، لدرجة أنهُ قال عن إحدى المسائل التي لا تتجاوز تكلفتها المليون دولار، مليون واحد، أنه قد طلب تمويلها من الصندوق والبنك أيضاً.
ثمّة نقطة إضافية كانت لافتة وهي المُرتبطة بالودائع في المصارف اللبنانية، فقد قال الرئيس ميقاتي إن الخسائر يجب أن تتحمّلها أطرافٌ أربعة، وحددها بالدولة اللبنانية ومصرف لبنان والمصارف الخاصة والمودعين، مُضيفاً أن هناك أفكاراً حول هذه المعضلة. وكنّا نأمل لو أنه التزم بموعدٍ للحلّ ولتمكين أصحاب الودائع منها، إسوةً بما ذكره من مشاريع واهتمامات. ولكنّه لم يفعل. وهذا ترك علامات استفهام عديدة.
في أي حال، إن أكثر ما يهم اللبنانيين هو الحلحلة في المواضيع الأساسية وفي طليعتها الأمن والاقتصاد والودائع. وإن أي حكومة تفلح في هذه الحقول الثلاثة ستحظى بثقة الناس في الداخل والدول في الخارج. ولكن، ما أبلغهُ إلينا رئيس الحكومة هو أجمل من أن يكون حقيقةً، كما يقول المثل الفرنسي؛ إضافةً إلى أن الصعوبات التي تعترض مسار الحكومة، ومسار البلد عموماً، أكبر وأكثر من أن تُحصى في الظروف العادية، فكم بالحري في هذه الظروف القاسية التي تجتازها البلاد والعباد.