معرفة أم جهالة جهلاء… بلاد الصحافة والإعلام

Views: 687

أنطوان يزبك

 

“ذات المعلم هي نفسها ذات المريد” (الدكتور دافيد ر.هاوكينز).

 

التضليل والرياء ،السقوط في بحران موت مفتعل..

هي صرخة في أرض يباب، صرخة في بلاد كانت بلاد كل جميل محتسب وكل ترياق يشفي العليل في فردوس مرتقب، كان لبنان بلدا للحرف درعا منيعا له، كان أمثولة لكل دارس وباتت أقلامه مكسرة على حوافي الطرقات تدوسها أقدام الجهلة على قارعة الطريق.

وبعد ما حان الوقت لتعود رايات الصحافة المظفرة لترفرف بدل رايات سوداء مدنسة، بالمال الحرام وخراب النجاسة القادمة على ظهور دواب من الجحيم والغبار والجفاف.

أفكار جديدة أينعت فلماذا يحرق الإيناع، طيور حملت معها بذور الاستيقاظ مع الفجر بيد أنهم اظلموا مساراتها وعتموا  قناديلها مع تعميم البهتان وتسويق ثقافة التفاهة وطعام مسمم بالذل والهوان.

يقول جان بول سارتر: “أكره الضحايا الذين يحترمون جلاديهم”…

وأكرر أكره المستمع الصاغر الذي يحترم مضلله في الصحافة ووسائل الإعلام.

يوم كان البر كامو يعمل في الصحافة كان يقول:”إن كل عمل عظيم يجعل وجه الإنسان أكثر إثارة للإعجاب واكثر ثراء ، هذا هو سر الإنسان الكامل”.

بيد أننا في بلاد الضلال والمهانة لم نعد نعرف الأعمال العظيمة لا بل صرنا نهلل لكل عمل منقوص ولكل تشويه وخبل واغتراب عن الذات والإنسانية.

لوحة للفنانة هند أبو اسبر طنوس

 

لم يعد الإنسان يحمل سرا إلهيًا هو سر الكمال بذاته بل أصبح يحمل فضيحة التضليل وسوق الناس إلى محرقة الشيطان والزوال في آتون الجريمة والعنف والكوارث وجموح الأفكار الأكثر تطرفا.

حان الوقت لتنهض الكلمة وازفت ساعة الاعتراف بالحقيقة وهذا كله من خلال صحافة ضمير وجرأة ووعي، فالبلاد الناهضة هي التي تكتب صحافتها الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة ولا تكون فيها الصحافة شركة مقاولات تبني ناطحات سحاب من مواد فاسدة ولا ريب ستهوي على الآدميين وتحصد ملايين الضحايا .

لقد أفرزت ازمتنا محرقة هولوكست لم يعرف العالم مثيلا لها:

إنها محرقة الشيطان، محرقة الكلمة، محرقة الضمير محرقة اقدس ما عرفه الإنسان العاقل الـ homo sapiens وهي الكلمة ، وفي البدء كانت الكلمة، الكلمة وهي الله وقد احرقناها على مذبح الجيوب التي امتلأت ذهبًا واقفرت من الرحمة والعدالة والإنسانية..

على عدالة الكلمة أن تعود مسرعة إلى ربوعنا ولنتذكر ما قاله تولستوي ذات يوم:” الصحافة بوق سلام، وصوت الأمة ، وسيف الحق القاطع، وملاذ المظلوم، ولجام الظالم، تهز عروش القياصرة ، وتدك معالم المستبدين”..

على كل صاحب رأي ان يعيد حساباته فلكل عمل ،عمل آخر في المقابل.

وإن ليس للإنسان إلا ما سعى (قرآن كريم).

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *