هِيَ العُنقُود!

Views: 237

مُورِيس وَدِيع النَجَّار

 

(حَولَ كِتابِ «رِيفِيَّات» لِلأَدِيبِ جُوزف مهَنَّا)

 

تَسَنَّمَ، في كِتابَتِهِ، الأَعالِي،           وأَبدَعَ، في الصَّحائِفِ، كُلَّ غالِي

بِأَلفاظٍ كَما الأَلحانُ، جَرْسًا،             مُشَنِّفَةٍ، تَرَقرَقُ في دَلالِ

يُدَبِّجُ، لا تَرَهُّلَ في نَسِيجٍ،              على نَشَزٍ، وضَعْفٍ في المَقالِ

فَيَنسُلُ مِن كُنُوزٍ في تُراثٍ               حَوَتهُ مَعاجِمٌ غُرٌّ غَوالِي

هي الأَلفاظُ قد هَجَعَت دُهُورًا،               يَجِيءُ خُدُورَها بِصَفاءِ بالِ

يُؤَالِفُها، ويَنظِمُها بِسِلكٍ مِنَ     ــــــــــ     الخَطَراتِ والصُّوَرِ اللَّآلِي

يُلامِسُها كَما الهَيْمانُ يَأتِي      ــــــــــ     الحَبِيبَ على اشتِياقٍ لِلوِصالِ

فَطَيَّ رِقاعِهِ يَختالُ مَجْدُ        ــــــــــ      الحُرُوفِ بِبُردَةِ السِّحرِ الحَلالِ

هو الحُبُّ الَّذي لَولاهُ بِتنا               جِياعًا، والحُقُولَ بِلا غِلالِ!

إِذا قُلنا: البَهاءُ. فَقُلْ تَناهَى            إِلى أَلواحِهِ البِيْضِ الصِّقالِ

رَأَى فِيها لِحُرْمَتِهِ مَلاذًا،                وطابَ لَهُ الغِوَى فَالرُّكْنُ عالِي

فَراقَ لَنا جَلالٌ في كِتابٍ،              فَنُعْمَى لِلجَمالِ على جَلالِ!

***

مُتُونُكَ، يا صَدِيقِي، لَيسَ فِيها          سِوَى الإِبداعِ يُشرِقُ في المَجالِ

هو الرِّيفُ الحَبِيبُ يَعُودُ زَهْوًا              بِرِيفِيَّاتِكَ الخُضْرِ الظِّلالِ

شُعاعًا في الحُرُوفِ، وشَدْوَ نايٍ،            وشَوقَ مَرابِعٍ، ونَدَى تِلالِ

وسِحْرَ بَلاغَةٍ شَمَخَت، وَعَزَّت              وُجُودًا في الأَواخِرِ والأَوالِي

فَرادَةَ مُعْجَمٍ ثَرٍّ أَنِيقٍ،                  عَصِيٍّ، شامِخٍ كَذُرَى الجِبالِ

وفِلذاتٍ تَمُورُ بِكُلِّ حُسْنٍ،              بِأَفكارٍ مُجَنَّحَةِ الخَيالِ

وكَيفَ نَقُولُ إِنْ صِرنا إِلَيها            الخَواتِمِ بَعدَ رِحْلاتٍ طِوالِ

هِيَ الآهاتُ تَسكُنُ في الحَنايا،         هي البَسَماتُ في الثَّغْرِ الجَمالِ

هِيَ العُنقُودُ أَضحَى، بَعدَ صَيْفٍ،       رَحِيقًا لا تَضِنُّ بِهِ الدَّوالِي!

***

إِلَى الرِّيفِ الَّذي دَبَّجْتَ عُدْنا،       إِلى لَهَفِ الصِّبا، وشَذا اللَّيالِي

فَأَشواقُ الهَوَى، مَهما تَناءَت       ــــــــــ     بِنا الأَيَّامُ، تَبقَى في اشتِعالِ

أَدامَ اللهُ جُوْدًا في يَراعٍ،                   يَدُومُ وَكَم صِحافٍ لِلزَّوالِ

أَلَا يا رِيفَنا المَحبُوبَ هَلِّلْ،           فَقَد خُلِّدْتَ طِرْسًا في الأَعالِي!

***

 

(1): وَأَصبُو إلى ذَاتِ الصِّبَا عَن صَبابَتِي       إِذا لَم يَكُنْ لِي في الهَوَى مِن مُشَارِكِ   (مَجنُون لَيْلَى)

(2): («الوِساطَة» لِعَبد القادِرِ الجَرَجانِي، ص 181 طَبعَة القاهِرَة سَنَة 1945. والقَولُ مَأخُوذٌ مِن مَقالَةٍ لِجَمال مُرْسِي بَدْر المُحامِي الوارِدَة في مَجَلَّةُ الأَدِيبِ، إِبرِيل 1953، ص 66)

(3): «اللَّفظَةُ كَالمَرأَةِ، مَتَى كَثُرَ عُشَّاقُها لا تَبقَى تِلكَ العَقِيلَةَ المَصُونَةَ»

                                     (مارُون عَبُّود، المَجمُوعَة الكامِلَة، المُجَلَّد 4، ص 171)

(4): «ذَرِيني أَنَلْ ما لا يُنَالُ مِنَ العُلَى      فَصَعْبُ العُلَى في الصَّعْبِ وَالسَّهْلُ في السَّهْلِ»   (المُتَنَبِّي)

(5): «فَمَا قَبْلُ وَمَا بَعْدُ مَصِيرُهُ النِّسيَان»   (سِفْرِ الجَامِعَة، الآيات 4-11)

(6): عِبارَةٌ لِلأَدِيبِ أَحمَد فارِس الشّدياق، مِن كِتابِهِ العامِرِ «الجاسُوس على القامُوس».

(7): «سَيَكُونُ نَشْرُهُ كَأَرِيجِ لُبنَان»  (الكِتَاب المُقَدَّس، العَهد القَدِيم، سِفْر هُوشَع، إِصحَاح 14، عَدَد 6)

(8): «أَللُّغَةُ بِأَهلِها»   (إِبراهِيم اليازِجِي)

(9): «أَنا على الطَّرِيقِ الَّتي تَبحَثُ عن مُسافِرِين»   (القِدِّيس أُوغُوسطِينُوس)

(10): «عُسْـــرُ النِّسـاءِ إِلى مُياسَـَـرةٍ       والصَّعْبُ يُرْكَبُ بَعْدَما جَمَحَا»   (بَشَّار بِنْ بُرْد)

(11): «قَالَت عَنِ الرِّفْدِ طِبْ نَفْسًا فَقُلتُ لَهَا   لا يَصدُرُ الحُرُّ إِلاَّ بَعدَ مَورِدِهِ»   (المُتَنَبِّي)

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *