سجلوا عندكم

مئوية خليل رامز سركيس (1921-2017)… قيامة القلم

Views: 307

سليمان بختي

مرت قبل ايام مئوية ولادة خليل رامز سركيس (1921-2017) وكذلك مرور 5 سنوات على وفاته.

كان خليل رامز سركيس كاتبا وأديبا نهضويا مميزا. أعطى لبنان جذوة عمره وأحلامه وظل يردد” إجعلنا نستحق لبنان”.

توفي في لندن وظلت عينه على لبنان كلما التفت إلى أوراق كتبه رأى الشمس تضيء نور السطور وتدعوه إليها.

منذ كتابه الأول “صوت الغائب” مرورا بـ “من لا شيء” 1958 الذي قدم له الشاعر بولس سلامة ( 1902-1979) وحتى “أيام السماء” و”أرضنا الجديدة” و”مصير و”جعيتا” و” هواجس الأقلية من زقاق البلاط الى كينسنغتن” وغيرها، وهو يتوغل، على مهل في الكتابة واللغة تحت قلمه طيعه. لا كلفة فيها، وإن فيها الكثير من التأمل، ووقوع الكلمة في محلها.

 

غرفت أعماله من الفكر والفلسفة والأدب والمقارنة الحضارية، ولكنها لم تخرج عن ما هو جمالية الأدب بمعنى الصياغة المدققة المتأنية التي تحفر حتى الجذور. 

وفي كل ذلك كان خليل رامز سركيس يرود حداثة المعنى دون الشكل، لأن الشكل كثير التكاليف، وقد أضناه الوصول إليه. ولأنه استمرار للنهضويين سلالة وارثا وانتماء، ولذلك كان في بيانه متفردا عدا ولادته من الفكر والانطلاق في أبعاد بلا حدود، وعدا الدقة التي لازمته ملازمة المبدعين الكبار، وعدا حسن اختيار الكلمة وكأنه العيار الأول والأخير لنصه، وثمة الانشداد الموسيقي للنص. 

لبث خليل رامز سركيس يتابع ما يكتب و ما ينتج، ويكتب رسالة او خاطرة او فكرة. وتلك بادرة وفاء لمن كتب معهم وكتبوا معه وكتبوا إليه. وكان يحب ، على كلاسيكيته، الذين يخربطون ولكن بأصول غاو كما قال العلامة الراحل الشيخ عبدالله العلايلي “أن يهربوا بإحسان”. وهكذا بدا إرتباطه بجريدة “لسان الحال” ارتباطا موثقا بالوفاء، واستمر في ما بعد مع “الندوة اللبنانية” وصديقه الأثير ميشال أسمر وزملائه في الندوة فؤاد كنعان وجورج شامي، وأيضا مع دار الجديد وهكذا مع مجتمعه وكنيسته والأصدقاء. 

أذكره في بيته في لندن حين زرته في العام 2007 يحملك بسرعة الى قلبه وتتلمس للتو ذاك الصدق الذي يبقى قنطرة. لمست حنينا مضطربا في قلبه لكنه لم يكن حنينا الى الجزء بل الى الكل. وأمام النافذة والأشجار والهدوء والأعشاب وتلك الشمس الطرية التي تقول ولا تقول. رأيته يعقد المقارنة بين هواء لندن وهواء رأس بيروت، وهكذا انعقدت الصداقة بيننا وتعمدت في عمل مشترك لكتاب كتب مقدمته الصديق المشترك الدكتور سدرك حداد وأعدته د. فريدا حداد، وجمعت فيه عظات والدها وخطبه. 

 من كان مثل خليل رامز سركيس لا يترك شاردة ولا واردة تفوته، فقد كتب لائحة باسماء وأرقام هواتف الذين ينبغي الاتصال بهم لدى وفاته. ووضع أوراقه في ملفات وانتظر… 

 

كان يعرف أن اللقاء في الوجود لمحة او فصل أو كتاب وأننا لابد سنلتقي. 

كتب في الصفحة الأخيرة من كتابه “من لا شيء”:” ما أدري أين، ولا متى. بل أكاد اسأل نفسي: أمن لقاء بعد الآن؟ أم كان التقاؤنا لمحة، وافتراقنا بغتة، كأنا ما التقينا، في الكتاب، ولا افترقنا. الى اللقاء في غد ، ولا فرق بين يوم ويوم فآية الغبطة ان نلتقي، هنا ، او هناك، او هناالك ايوم ، او غدا، او بعد غد، على مثل رجاء القيامة: قيامة القلم يوم حسابه، في وصلة منه او فصل، او في كتاب. فلا تغلقن بابك خلفنا، ايها الصديق القارئ، والسفر منا مشرع على دفتيه، والقلم بشقيه يسيل على ذكر الأدب وما ينفك ذاهبا آيبا منه اليه”. 

تحية الى روحه في مئوية ولادته التي مرت في لبنان مرور الطيف.

خليل رامز سركيس كان عنوانا كبيرا في هذا البلد وطاقة إبداعية خلاقة فلا تجعلوه يضيع بلا ذكرى مثلما أضعتم الملك والقيمة والاعتبار. 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *