عزيز نيسين وقصة “بيع وطن”
سليمان بختي
هذه القصة القصيرة كتبها الروائي التركي عزيز نيسين (1915-1995) الذي يعتبر واحدًا من أفضل كتاب الكوميديا السوداء في العالم.
كتب المضحك المبكي ولكن المضحك المبكي انه لم ينل حقه في بلاده وتعرض للسجن ومطاردات الأمن السياسي.
انتقد الفساد والروتين الإداري وصور الواقع بصدق و براءة وبان يجعل الموقف يعبر عن نفسه.
له أكثر من 140 كتابا في القصة والرواية والمسرحية وأدب الأطفال. ومن أبرز أعماله القصصية “الكرسي” 1956 و”كيف قمنا بالثورة” 1965 و”زوبك”1961 (اقتبسها المخرج السوري هيثم حقي لمسلسل تلفزيوني بعنوان “الدوغري”). (smartairfilters.com)
نال العديد من الجوائز وأنشأ وقفا من ريع أعماله الأدبية لتعليم الأيتام حتى الجامعة.
دخل الروائي السجن بعد نشره هذه القصة وقال له المدعي العام العسكري الذي كان يحاكمه: “هل كان يقصد الوطن بهذا البيت”، فابتسم نيسين إبتسامة ساخرة ،وقال:” ما دمتم بهذه الفطنة فلماذا فتحتم أبواب وحجرات الوطن للغرباء حتى احتلونا بالديون وأصبحنا نحن الغرباء رغم سندات الملكية التي نحملها ونحن سعداء”.
بيع وطن
إنها عائلة تعيش في بيت كبير لم تجد مانعا من أن تؤجر حجرة منه ثم حجرة ثانية ثم حجرة ثالثة.
وهكذا جرى المال في يد الأسرة.
وراحت تنفقه على أشياء لا قيمة لها.
لكن المستأجرين ضجوا بالشكوى من قلة المياه فوافقت الأسرة أن تقترض منهم لإصلاح المياه ثم اقترضت منهم ثانية لإصلاح شبكة الصرف ثم إقترضت منهم لإصلاح طرقات الحديقة.
ولأنها عجزت عن السداد فقد سمحت بمزيد من الغرباء يدخلون البيت ويسكنون فيه ثم سمحت لهم بالسيطرة على الحديقة ثم تركت لهم كل البيت وسكنت فوق السطح.
ثم لم يجد مفرا من أن يعمل أفرادها في خدمة هؤلاء الغرباء وأصبحوا خدما لهم.
وهنا صرخ الإبن الكبير إن هذا البيت لم يعد بيتنا بل نحن الذين أصبحنا فيه غرباء.
لكن الأب غضب بعنف على ما سمعه من ابنه وسارع بفتح خزانته السرية وأخرج منه رزمة قديمة تثبت أنه ورث البيت أبا عن جد.