“الكاش” وأثره على الدّماغ
د. فادي أبو مراد
في بحث علميّ لافت قادته ست جامعات أميركيّة قامت بإدخال آلاف الامّهات مع اولادهن الرضّع أيام محدودة بعد الولادة في دراسة حول أثر البحبوحة النقديّة على نموّ أدمغة الأطفال، تبيّن أن المدفوعات النقديّة للأمهات ذوات الدخل المنخفض أدّت إلى زيادة وظائف المخّ لا سيّما الإدراك عند الأطفال.
وزّعت الدراسة الامّهات واولادهنّ إلى مجموعتين. الذين في المجموعة الاولى حصلوا على ٣٣٣$ ونال مَن في المجموعة الثانية ٢٠$ كمساعدة شهريّة. ثمّ قام الباحثون بتقييم ادمغة الأطفال، بعد سنة من تلقّي الامّهات المساعدات النقديّة الشهريّة، وذلك من خلال فحوصات أبرزها إجراء تخطيط للدماغ. أظهر الأولاد في المجموعة الاولى (التي تتلقّى ٣٣٣$ شهريا) قوّة تشغيليّة أفضل في الاماكن المسؤولة عن الإدراك ووظائف الدّماغ العلويّة. ستستمرّ الدراسة ٤ سنوات إضافية لإجراء مزيد من الفحوصات على سلوكيات الامّهات وأدمغة الأطفال المشاركين.
تُثبت الدراسة انّ مدّ العائلات بمبالغ نقدية إضافية، حتى لو كانت قليلة، تساهم في نموّ أفضل لأدمغة الأطفال.
هل يعي المسؤولون في لبنان أثر أفعالهم على نموّ ادمغة أطفال لبنان؟ أيّ جيل نُحضّر وماذا عن المجتمع الذي نبنيه للسنوات القادمة؟ مجتمع منكوب لا قوّة لشعبه على الإدراك… ماذا ينفع تأمين المال والنقد لاحقًا عندما تكون مكوّنات المجتمع بسيطة في قدراتها العقلية ووظائفها الدّماغية؟ مرّة وقف مسؤول لبناني كبير قائلاً: “ليتني زبّال في نيويورك”!!! حبّذا لو تشمل هذه الدراسة الاميركية أهل لبنان فتمدّهم ببحبوحة – حتى لو أدخلتهم في المجموعة الثانية التي تأخذ ٢٠$ شهرية وليس ٣٣٣$ – وتعمل على متابعة وتحليل مؤشرات نموّ الاطفال الدّماغيّ …
تذكّروا أثر” الكاش” الذي كان يمدّنا به البالغون عندما كنّا اطفالاً وكان له الأثر الأيجابي على المزاج في تعاملنا مع الآخرين.
