وطن الأزمات

Views: 732

خليل الخوري  

في عظة الأحد التي ألقاها أسقفٌ محترم في كنيسة جبلية، يوم أمس، توجه بكلامه إلى الجماعة السياسية، حاملاً على أركانها بقوة، متهماً إياهم بأنهم حوّلوا لبنان من «وطن النجوم « إلى وطن الأزمات والمشاكل والكوارث والجوع والفقر والعوَز والفاقة إلخ… وقال: إن الناس تترحم على الشاعر اللبناني المهجري ايليا أبو ماضي الذي أطلق على لبنان تسمية «وطن النجوم» في قصيدة عصماء، أنشدها من اغترابه الأميركي مخاطباً وطنه الأم، وهي مشهورة جداً، ومطلعها:

«وطنَ النجوم أنا هنا / حدّقْ، أتذكرُ مَن أنا؟».

وأضاف المطران يقول: بقدْر ما تترحم الناس على أبي ماضي، بقدر ما سيلعنكم الناس والتاريخ.

ولفتني في كلام سيادته مقطع بارز استعيدُ، هنا، من الذاكرة بعضاً مما ورد فيه. فقد أشار إلى أن أهل السياسة لا يكتفون بأن «يمطرونا»،  كل يوم، بدفعة جديدة من الأزمات، بل إنهم «يتبارون» في منَ هو الأكثر ابتكاراً للأذى الذي يصيبون به  هذا الوطن…

واستشهد الأسقف بما درَجتُ على كتابته في هذه الزاوية إذ نتّهم أهل السياسة، عندنا، بأنهم يحوّلون كل أمر إلى مسألة، وكل مسألة إلى قضية، وكل قضية إلى أزمة، وكل أزمة إلى معضلة، وكل معضلة إلى مأزق… وأعطى أمثلة عدّة على هذه الإشكالية انتقاها من واقعنا السياسي والمالي والاقتصادي المعيوش (…). وفي تقديري أن ذروة ما قاله هذا المفوَّه من أمراء الكنيسة كان الآتي: أنتم لا تكتفون باختراع الأزمات وابتكار المعضلات واكتشاف كل مأزق توقعوننا في خضمّه، بل إنكم تبرعون في تحويل أي مبادرة حل إلى أزمة جديدة في حد ذاتها.

واثر انتهاء القداس الإلهي، قال لي هذا المطران: ولكنهم لن يفعلوا!..

وكان بذلك يعلّق على ما ختم به كلامه الموَجَّه إلى السياسيين قائلًا لهم: اتقوا الله بلبنان واللبنانيين.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *