تغيير المفاهيم

Views: 215

خليل الخوري 

تتطوّر البشرية فتقفز بخطواتٍ سريعة جداً تُواكب عصر التكنولوجيا الذي حقق للبشرية في ثلاثة عقود من الزمن أكثر بكثير مما حقّقته منذ فجر التاريخ حتى مطلع تسعينات القرن العشرين الماضي…

تناولت هذه القفزات الإنسان في صحته ورفاهه وحقّه في حريته إلخ… وخصوصاً في الانقلاب الكبير في المفاهيم المتعلّقة بسلّم القيم والأخلاق، ارتباطاً بحق الأفراد والمجموعات في التعبير عن الذات بالطريقة التي يراها صاحب العلاقة ملائمة.

وفي تقديرنا، على الصعيد الشخصي، أنه كلما اتّسعت رقعة التطوّر، ضاقت مساحة الأمان والطمأنينة والخلوة مع الذات. وبالتالي بات المرء مكشوفاً إلى حد العري الخارجي والنفسي أمام التطور التكنولوجي المذهل، الذي يكشفك في حميمياتك، وأنت في غرفة نومك، بل إنه يدخل إلى أعماق تفكيرك ووجدانك فيقرأ فيك كأنه يُقلّب صفحات كتاب واضحة بالخط العريض. وهو ليس مضطراً أن يكون على قرب مسافة منك، إذ يكفي أن «يخاطب» الجهاز الذكي داخل العقل الصناعي في القمر الصناعي الذي يدور في الفضاء، وأن يوجهه نحوك، حتى تُصبحَ معطيات شخصيّتك كلها مكشوفة. هذا ليس وهْماً، إنه حقيقة صارخة في هذا الزمن الذي لم يعد الأمّيّ مَن لا يُجيد القراءة (ما بيعرف يفكّ الحرف كما كانوا يقولون)، إنما الأمي صار مَن لا يجيد التعامل مع تكنولوجيا العصر. ونصف الأمي هو الذي يعرف «الدخول» إلى الحاسوب ويتعامل معه سطحياً… أما المتعلم فهو الذي يغوص في أعماق هذه التكنولوجيا. وأما المتفوّق فهو الذي يبتكر فيها… والمجالات عديدة، والباب مفتوح على مصراعيه للقادرين على الإبداع والاكتشاف والابتكار… ويطيب لنا أن نكرّر قولنا: هناك دائماً على القمة مجال للمتفوقين…

ذات زمن، قال لنا العاهل الأردني الراحل الملك الحسين بن طلال: نحن (العرب) سنظل قاصرين عن مواكبة التطوّر ما لم نُسهم في ثورة تلك التكنولوجيا. وأضاف: إن بيننا وبين التكنولوجيا هوةً سحيقة، صحيح أننا نستخدمها وقد سدّدنا ثمنها، ولكننا لم ننتج فيها جديداً ولم نُضِفْ إليها شيئاً.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *