المتاهة المستدامة

Views: 441

خليل الخوري 

لا يوجد بلد واحد، في هذه المعمورة، يبدو كأحجيةٍ مستدامة كما هو لبنان. وإذا كانت الأحجيات في معظمها تذهب إلى أجوبةٍ وحلول، فإن الأحجية اللبنانية تحوّلت إلى متاهة لا حلّ لها، ليس لأنه مكتوب عليها اللاحلّ، إنما لأن الذين تولوا إدارة شأننا، طوال العقود المتتالية منذ لبنان الكبير، قبل مئة وإحدى وعشرين سنةً وخمسة أشهر، أساءوا الإدارة إلى حد بعيد، وأوصلوا البلاد والعباد إلى المأزق المستدام، مع فارق أن إمكانية الحلول كانت متوافرة حتى مطلع التسعينات من القرن العشرين الماضي، إلى زمننا الحاضر وقد «وقف حمار الشيخ في العقبة».

برع هؤلاء الأشاوس، خصوصاً جيل الميليشيات، الذي لبس «الكرافات» من دون أن يتخلّى عملياً عن بزّة القتال… لقد برعوا، بتفوّقٍ نادر، في تراكم الأخطاء. من دون حدود، وحتى من دون شفقة أو رحمة. فقط كانت همومهم، إذا صحّ أنها هموم، منصبّة على تجميع المال الحرام إلى حد القضاء على عافية هذا الوطن الذي كان رائعاً وفريداً ومميزاً في المنطقة والإقليم، وأيضاً على المستوى العالمي…

لم يبقَ أثم لم يقربوه، ولا جريمة لم يرتكبوها، ولا خزية لم يمارسوها، ولا شناعة لم يتغنوا بها وكأنها فضيلة…

راكموا الأخطاء إلى حد تحويل الجمال قبحاً، والعزة إذلالاً، والشبع جوعاً، والكرامة انبطاحاً وزحفاً على البطون أمام ذوي المال والسلطان!

أُتْخِموا ولم يشبعوا. لعقوا الماء كله، حتى الآسن منه ولم يرتووا، ضاقت صناديقهم من المال الحرام ولم يكتفوا. ولم يتبقَّ من هذه البقرة، التي كانت حلوباً، سوى جلد على عظم وبالضرع الجاف، ومع ذلك لا يزال ريقهم «شاطّاً»، وأنيابُهم بارزة من أشداقهم المفتوحة على جوع مزمن(…).

وبعد، هل ثمّة أمل، أو إمكان، في الخروج من هذه المتاهة مع شعب يشتمهم ثم يهرول إلى إعادة انتخابهم؟!.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *