إِلى مُمَرِّضَة 

Views: 205

 مُورِيس وَدِيع النَجَّار

 

(أُدخِلتُ المُستَشفى، بِسَبَبِ طارِئٍ صِحِّيٍّ. ودَخَلَت عَلَيَّ، بَيضاءَ مُشرِقَةً، حَمامَةً في الدِّفْءِ والهَدِيلِ، وكانَ كلامٌ كَهَمسِ النَّسِيمِ في البان. ثُمَّ خَرَجَت «كَمُرُورِ العُطُورِ»، فانبَجَسَ الشِّعرُ، وكانت القَصِيدَة)

 

وأَمسَكَت بِيَدِي، بَيضاءَ كالقَمَرِ،           تَسبِي العُيُونَ بِوَجهٍ مِن سَنا الدُّرَرِ

ما أَبصَرَت قَبْلُ عَينِي في صَباحَتِها       وكادَ، مِن نُورِها، أَن يَنثَنِي بَصَرِي

شِبْهُ الضُّحَى، قُلْ، على طِيْبٍ، وفي خَفَرٍ،   رَبَّاهُ… كَيفَ لَوَى قَلبِي شَذا الخَفَرِ

على سَرِيرٍ، ولَيلِي كالنَّهارِ فَلا نَومٌ              يُرِيحُ، وأَيَّامِي على خَدَرِ

قامَت أَمامِي، فَخِلتُ الصُّبحَ مُنتَصِبًا،        فَهَل دَهانِيَ أَم هَل خَصَّنِي قَدَرِي؟!

أُختاهُ! كُفِّي عَنِ المُضنَى اللَّهِيبَ فما      يَقوَى الفُؤَادُ على ما فِيكِ من شَرَرِ

هذِي الأَنامِلُ ما كانت لِيُجهِدَها           جَسٌّ لِنَبضٍ، ولا بُرْءٌ مِن الكَدَرِ

***

يا لَحظَها الغَنِجَ الوَسنانَ كُنْ أَمَلًا          لِجُرحِ نَفسٍ، وقَلبٍ هانَ مِن ضَرَرِ

كالشَّمسِ رَبِّي بَراها، في أَشِعَّتِها          دِفءٌ، ونُورٌ، ووَحيٌ لِلخَيالِ ثَرِي

كأَنَّها رَوضَةٌ هاجَ الرَّبِيعُ بِها،            فَاللَّونُ، والأَرَجُ الزَّاكِي، على سُرُرِ

لِصَوتِها، وحَنانٍ باتَ طابَعَها،            على السَّقِيمِ المُعَنَّى، أَطيَبُ الأَثَرِ

يَبقَى الجَمالُ لِعَينِي شَوقَها، ولَئِنْ         جَفَّت رَوافِدُهُ، قُلْ فالخَيالُ بُرِي

 ***

جَسَّت لِيَ النَّبضَ، فاغتَمَّت أَمائِرُها،      وغَضَّنَت مِن جَبِينٍ كالصَّباحِ طَرِي

وحَدَّقَت وَجَلًا، تَخشَى مُصارَحَتِي،        فَقُلتُ هاتِي، بِما أُوتِيتِ، يا عُمُرِي

قالَت عَجِبتُ لِشَأنٍ باتَ يَشغَلُنِي          فَحالُكَ الآنَ حالٌ غَيرُ مُنتَظَرِ

فَقَد تَسارَعَ فِيكَ الخَفْقُ، لَستُ أَرَى         مُسَبِّبًا، ولَأَنتَ، الأَمسَ، كالنَّمِرِ

لكن تَشَجَّعْ، ولا تَفزَعْ، فَذا عَرَضٌ،      لا يُوجِبُ الخَوفَ، أَو يُودِي إلى الخَطَرِ

فَقُلتُ لا تَسَلِي، عِندِي الجَوابُ، فَمُذ      لَمَستِنِي هَزَجَ الشَّريَانُ كالوَتَرِ

وأَنتِ كَالرِّيحِ إِنْ مَرَّت على غُدُرٍ،         تَمَلمَلَ الماءُ يَطوِي صَفحَةَ الغُدُرِ

أَلا اترُكِينِي… أَنا في رِحلَةٍ عَمَرَت       سِحْرًا ولَيْتَ يَدُومُ الآنَ لِي سَفَرِي

حِينًا ويَرجِعُ خَفَّاقِي إِلى سَكَنٍ           يَعِيشُ في الحُلْمِ، مُقتاتًا على الذِّكَرِ!

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *