عَلَّمَتنا… وهَنِيئًا لِمَنْ!  

Views: 243

مُورِيس وَدِيع النَجَّار

 

«عَلَّمَتنا الحَياة»…

إِصدارٌ وازِنٌ لِلكاتِبِ العَزُومِ، والإِعلامِيِّ النَّاشِطِ، جُورج طرابُلسِي، الَّذِي يَسُدُّ ثَغْرَةً فاغِرَةً في حَقْلِنا الثَّقافِيِّ بِمُدَوَّنَتِهِ الرَّصِينَةِ «Aleph Lem».

لَن نَسمَحَ لِنَفسِنا بِالتَّوَغُّلِ في المُعالَجَةِ، وإِلقاءِ الرَّأيِ جُزافًا، لِأَنَّنا لَم نَطَّلِعْ بَعْدُ على هذا الكِتابِ، وكَلِمَتُنا الرَّاهِنَةُ، هُنا، إِنْ هي إِلَّا نَظرَةٌ استِشرافِيَّةٌ لِعَمَلٍ تُفْصِحُ عَتَبَتُهُ على كَثِيرٍ مِمَّا يَتَرَبَّعُ في صَدْرِهِ الوَسِيع.

وهي تَحِيَّةٌ، مِنْ بُعْدٍ، لِهذا الصَّدِيقِ الجادِّ، على بَذْلِهِ جَهْدًا وافِيًا في انتِقاءِ الفَعَلَةِ لِوَرْشَتِهِ الفِكرِيَّةِ، لاسِيَّما «إِنَّ المَدعُوِّينَ كَثِيرُونَ، أَمَّا المُختَارُونَ فَقَلِيلُون». وهو، بِانتِخالِهِ هذا، وَضَعَ على كاهِلِهِ مَسؤُولِيَّةَ جَدارَةِ الخِيارِ، وجُودَةِ القِطافِ المَنشُودِ مِمَّا أَتاحَتهُ الحَياةُ لِلمُدَبِّجِينَ مِن تَجارِبَ، قد تَكُونُ عِبَرُها أَبكارًا، وقد تَكُونُ مِمَّا حَبَسَتهُ الدَّواوِينُ في صُدُورِها العِراض.

 ***

أَلعُنوانُ، بِحَدِّ ذاتِهِ، يَنُمُّ عَن مَرْجٍ تَناثَرَت في رِحابِهِ زُهُورٌ مُتَنَوِّعَةُ الأَلوانِ والأَشذاءِ، وبَيدَرٌ ساهَمَ في غِلالِهِ حَصَّادُونُ كَثِيرُونَ، ومِرآةٌ فِكرِيَّةٌ لِلعَقلِ وتَطَلُّعاتِهِ، مع تَناصٍّ مُمكِنٍ في أَمكِنَةٍ، قد يَكُونُ مِن بابِ تَوارُدِ الأَفكارِ وقد يَكُونُ تَعَمُّلًا لِلِّقاء. ورُبَّما نَجِدُ اقتِباساتٍ مَفتُوحَةً على تَساؤُلاتٍ جَمَّة. على أَنَّ هَذَينِ الاحتِمالَينِ يَبقَى لُهُما فَضْلُ الإِضاءَةِ على جَمالاتٍ واراها الزَّمَنُ في القَراطِيسِ، فَإِذا هي، في الرِّقاعِ الجَدِيدَةِ، تَحفِيزٌ مُبارَكٌ لِلذَّاكِرَةِ الجَمْعِيَّةِ، وقَصْعَةُ شَهْدٍ لِلجِياعِ إِلى الحِكمَةِ والمَعرِفَة.

***

الحَياةُ نَبْعٌ لا يَنضُبُ، وسَخاؤُها لا يُحَدُّ لِلَّذِينَ يُتقِنُونَ قِراءَةَ نَوامِيسِها، واستِخراجَ كُنُوزِها المَكنُونَة. ولِهَؤُلاءِ، كَمْ عَسِيرٌ أَنْ يَعتَصِرُوا كُلَّ ما جَنَوْا مِنْ عَناقِيدِها، في كَأْسٍ صَغِيرَةٍ، ومِساحَةٍ مَحدُودَةٍ في رُقْعَةٍ بَيضاء. فَكُلٌّ لَهُ تَجارِبُهُ المُتَعَدِّدَةُ الَّتِي تَتَبايَنُ وتَتَناقَضُ وتَمتَنِعُ عن كُلِّ مُوالَفَةٍ في أَسطُرٍ مَعْدُودات.

ومَهما تَكُنِ الحَصائِلُ، ومَهما تَسمُنُ الطَّرائِدُ أَو تَهْزُلُ، فَإِنَّ لِهذا الكِتابِ جِدَّةً لا تُبْخَسُ، وبَرِيقًا لا يَخْفَى على البَصائِرِ، ونَدًى مَشكُورًا مِنَ المُؤَلِّفِ، تَبْوِيبًا، وتَصدِيرًا، وإِخراجًا جَمالِيًّا، هو فِيهِ مُعَلِّمٌ لا يُبارَى.

ولَن نَنسَى أَن نُوَجِّهَ تَحِيَّةَ إِكبارٍ لِلأَدِيبَةِ ناتالِي الخُورِي غَرِيب، المُبَرَّزَةِ في كُلِّ ما أَنتَجَت مِن أَعمالٍ رِوائِيَّةٍ، ودِراساتٍ فَلسَفِيَّةٍ مُعَمَّقَةٍ، على مَقالَتِها الجَمِيلَةِ «”عَلَّمَتنا الحَياة” … نَماذج مِن التَّفكِير اللَّبنانِيِّ بِكُلِّ تَعقِيداتِهِ وتَطَلُّعاتِه»، والَّتِي نُشِرَت في «القُدس العَرَبِيّ»، الثُّلاثاء، 22 فبراير، 2022»، والَّتِي أَوضَحَت لَنا الخُطُوطَ العَرِيضَةَ في الكِتابِ، قَبلَ أَنْ تُتاحَ لَنا قِراءَتُهُ بِتَمَعُّن.

وخِتامًا

دُمتَ يا صَدِيقَنا العَزِيز.

وإِلَى عَطاءٍ رَدِيف!

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *