غياب وليد إخلاصي… كاتب مدينة حلب وعاشقها

Views: 71

سليمان بختي

روى القاص والروائي السوري وليد إخلاصي (1935-2022) آخر قصصه وأدار ظهره إلى  هذا العالم ومشى.

هل أضجرته القصص بعد ما كتب أكثر من 40 كتابا؟ هو الذي بدأ باكرا منذ 1960 حيث ظهرت قصصه في مجلات أدبية رائدة في لبنان مثل مجلة “شعر” و”حوار” و”الآداب” ومجموعته الأولى “القصص” 1962 صدرت عن دار مجلة “شعر”. وفي بيروت عقد الصداقات مع العديد من الشعراء والأدباء اللبنانيين. وليد إخلاصي الكاتب الذي سعى إلى أدب يحمل الرؤيا ويهتم بالمكان وصراع الإنسان وكفاحه لأجل مصيره وحريته.

كتب الدراما والقصة والرواية والمسرحية والمقالة وترجمت أعماله إلى الإنكليزية والفرنسية والألمانية والهولندية والروسية والصربية.

 

ولد في الإسكندرون عام 1935. عاش في حلب وتلقى دروسه الاتدائية والثانوية فيها ودرس على يد والده الأزهري عون الله إخلاصي وزكي الأرسوزي وسليمان العيسى وفاتح المدرس. ولبث منتميا  الى روح مدينة حلب وفضائها.

تخرج من كلية الزراعة في الإسكندرية. وعمل محاضرا في قسم الزراعة في جامعة حلب. وبنتيجة وشاية أمينة تم نقله إلى مديرية تسويق الأقطان. (www.madisonavenuemalls.com)

انضم في الثمانينات الى هيئة تحرير ملحق الثورة الثقافي وكان معه محمد عمران وأدونيس وكمال أبو ديب وغيرهم. كما عمل في هيئة تحرير مجلة الموقف الأدبي .

كان لوليد أخلاصي مواقف من الكتّاب المدعومين من الدولة وقاده ذلك الى تقديم استقالته والانفصال عن المكتب التنفيذي في دمشق ومكتب إدارة فرع حلب.

 

حصل على جائزة اتحاد الكتاب العرب التقديرية بدمشق 1990 وحاز على جائزة القصة العربية من مصر  عن كتابه “من يقتل عنتره” عام 1994،  ترجمت الى الإنكليزية وصدرت عنة جامعة تكساس. وحصل على جائزة سلطان العويس الثقافي 1996. ونال وسام الاستحقاق السوري من درجة ممتاز2005. وأنتخب عضوا في مجلس الشعب السوري لإكمال مدة وفاة العضو الممثل لمدينة حلب.

اهتم وليد إخلاصي في قصصه بالمكان وسطوته وما ينتجه المكان. كان له الفضل في تطوير القصة الطويلة.

كتب “موت الحلزون” و”خان الورد” و”هل رأيتهم يحلمون” واستمر يكتب بنفس حداثي صادق واتجه الى الرواية فكتب “شتاء البحر اليابس” 1964. وكتب رواية “رحلة السفرجل” 2006 نموذجا لحياة الإنسان المشتت بين الماضي والحاضر والمستقبل. وكتب عام 1991 رواية “دار المتعة ” التي يعالج فيها فضاء حلب الذي لا يحمل سوى مطابخ النساء وسوى سوق المتعة للرجال.

جذبته المواضيع الحذرة في السياسة والتعبير عن قضايا حساسة ودقيقة متداخلة في الأمن والسياسة والمجتمع مثل رواية “بيت الخلد” 1982 وتتحدث عن شبكة سجون سياسية تحت الأرض. وليس بعيدا عن هذه الرواية كتب “زهرة الصندل” 1981 وهي حول مقبرة منزلية للأسلاف.

عبر وليد إخلاصي عن الحب الماورائي الذي يفسر دوافع الواقع. كما توقف عند الألم الذي يجعل المشاعر طافحة بالمرارة والندم.

 

ساهم في تأسيس مسرح الشعب والمسرح القومي والنادي السينمائي في حلب. وتميزت مسرحياته بالتنوع والسرد المحكم وقوة بناء الشخصية  والتصوير الحاذق للألم النفسي الذي يعانيه الإنسان المأزوم. كتب في مسرحيته “الليلة نلعب” 1990: “أريد أن أكتب للجنس البشري وأن أغني له أيتها المرأة أريد أن أساهم في بناء الحضارة”.

عشق وليد اخلاصي السفر وكانت له زيارات الى اوروبا وأميركا. هاجر وليد إخلاصي ردحا الى الصومال وعندما أصابه المرض دخل في حديقة الصمت التي دامت عشر سنوات. وكان يردد دائما أن لديه مشروع رواية بعنوان “مول الشرق الأوسط” ولكنها لم تصدر.

مع غياب وليد إخلاصي عاشق حلب وكاتبها تخسر الرواية العربية كاتبا جادا ومميزا ويملك المعرفة والأدوات ويحفر عميقا في فضاء مدينته وفي أزمة الإنسان العربي.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *