الرئيس عون… “شو علّمتو الحياة؟”

Views: 715

جورج طرابلسي

 

تشرّفت ظهر أمس، الرابع عشر من آذار الجاري (2022) بلقاء رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون في القصر الجمهوري في بعبدا، برفقة نقيبة الإعلام المرئي والمسموع، الصديقة د. رندلى جبّور، حيث قدّمنا إلى فخامته كتابي “علّمتنا الحياة”، الصادر حديثًا، بطبعة فاخرة، عن  “منتدى شاعر الكورة الخضراء  عبدالله شحاده الثقافي”…

  اللقاء، الذي كان مقررًا لدقائق قليلة، امتد إلى أكثر من ثلاثة ارباع السّاعة، بدأت بقيام فخامته بتصفّح الكتاب صفحة/صفحة، إنطلاقًا من الإهداء الموجّه إليه، مرورًا بكلمته الخاصة في مستهله، وصولا إلى آخر المشاركات الواردة فيه، قبل أن يرفع نظره عنه ويتوجّه إلينا بسؤال مرفق بتنهيدة من قلب تاريخ شامخ بـ 87 ربيعًا: “بتعرفوا شو علّمتني، وقدّيش علّمتني، الحياة؟”…  

السؤال كان منه والجواب أيضًا، حيث أسرنا بحديثه، وسحرنا ببحر علمه وقوّة ذاكرته، وحلّق بنا في أجواء حكمته ورحاب فلسفته، وسمو ايمانه بعظمة لبنان وشعبه، على مدى الدقائق الخمس والأربعين، التي مضت وكأنها أسرع من طرفة عين، وبشّرنا في نهايتها بأن معركة التدقيق الجنائي قد بلغت خواتمها، موضحًا أنّ المسارات القضائيّة في الداخل والخارج يمكن أنْ تتأخر “ولكن يستحيل أن تتوقّف”، ومؤكدًا أنَّ “معركة التحرير مستمرّة ” ولكن، هذه المرّة، ضد من “يستعبدون الناس ماليًا واقتصاديًا”، مشيرًا إلى أنَّ المستحيل مع المؤمن يصبح –حتمًا- ممكنًا…   

***

وكان الرئيس عون قد توّج كتاب “علّمتنا الحياة” بالكلمة الآتية:

علَّمتني الحياة أنَّ النجاح قرارٌ، كما علَّمتني “ألّا أؤمِن بالفشل”، وأنَّ {“الهزيمة غير موجودة في قاموسي. إذا لم أنجح في تحقيق شيء ما، لا أحيدُ عن الهدف النهائي، بل أبدأ من طريق آخر توصل إليه. عندما يُقال لي “هذ مستحيل”، أُجيب “يبقى لي شرف المحاولة”.

وفي تجربتي مع الغفران تعلَّمتُ المسامحة: “لقد سامحت الذين حاولوا اغتيالي، وحتى لم أعاتبهم، وهذا لأنّي مسيحيٌ في أعماقي. هي ليس فقط مسألة إيمان، فأنا في الواقع تلميذٌ للمسيح، الذي، بالغفران والمحبّة تجاوز خط المستحيل. وأعظم ما في التعاليم المسيحيّة: أن نقاوم في موقع الضعف ونسامح في موقع القوّة”}.

***

يذكر أن كتاب “علّمتنا الحياة” كان قد رأى النّور من نافذة مطبعة أميون في الرابع عشر من شباط الفائت، بمبادرة من مؤسِسَة “منتدى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده الثقافي” الشاعرة ميراي عبدالله شحاده، ويؤمل اطلاقه بعد الأعياد المباركة، في احتفاليّة جامعة تقام لهذه المناسبة.

الكتاب فكرة وإعداد جورج طرابلسي، تأليف ٣٦٥ لبنانيًّا، إشراف وتقديم الدكتورة ناتالي الخوري غريب، استشارة لغويَّة الشاعر جورج شكُّور، مراجعة وتدقيق الزميلة الإعلامية كلود أبو شقرا، الرسمات الداخليَّة الفنَّان التشكيلي جريج بو هارون، خطوط الفنّان علي عاصي، وتصميم كارمن أبوشقرا وتنفيذها.

***

 الباحثة د. ناتالي الخوري غريب أضاءت في مقدمتها على الكتاب بقولها إنَّه “يعرض نماذج من التفكير اللبنانيّ بتشابكاته وتعقيداته وما ينطوي على عناصر متناقضة تجعل القارئ فيه يعيد التفكير في هذا النسيج المنتمي إليه، هذا المجتمع المتعدّد بانحيازه مرّة إلى تمجيد العقل ومرّة إلى تمجيد المشاعر الإنسانيّة. كذلك تحكم هذ المشاركات منظومة من القيم التي تجعلك تثمّن هذا التوق الواضح الى الطوباوية عند اللبناني، على مستوى التنظير والثغرة على مستوى تطبيقه في حيّز الواقع”.

وأضافت أنَّه: “نصّ كبير، وهذا النصّ الكبير هو مجموعة نصوص صغيرة، يشكّل كلّ منها عالمًا بحدّ ذاته. إذَا، نحن أمام نصّ هجين يخلط الذاتيّة بالموضوعيّة والواقع بالممكن والخيال بالذاكرة والموروث الديني والاجتماعي بالعصري والسائد. نحن أمام نصّ يمزج السرد بالوصف لمسيرة حياتيّة في محطّتها الراهنة. وهذه النصوص الصغرى هي كائنات لغوية، أجل، لكنّها أيضًا كائنات اجتماعيّة تحيا في الضوء والظلّ معًا، تحمل خطابًا لا يُقرأ بعيدًا من إرثه الطويل، نصوص تحمل فرادتها بصمةً، في مقابل تكوّنها نسيجًا يتماهى والمجتمع اللبناني في عمقه الضارب في موروثه الاجتماعي والديني معًا، يقدّم صورة لبنان المعاصرة”.

وختمت: “يكتسب هذا الكتاب أهمّيته الكبيرة في أنّه مرآة تعكس اختبارات الوجدان اللبناني في عمق تفكّره أمام واقعه، انطلاقًا من ماضيه وتاليًا آليات تطلّعاته نحو الآفاق الجديدة التي يمكن أن يحملها المستقبل”…

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *