عبد الحليم حافظ وأعماله الفنية في لبنان

Views: 823

سليمان بختي

مرت في آذار الماضي الذكرى الـ 45 لوفاة المطرب عبد الحليم حافظ (1929-1977) ولا يزال رغم سنوات الغياب حاضرا في تراثه الغنائي ورمزا كبيرا في فن الحب والوطنية في الشرق.

كان حدسه الصادق يقوده إلى ترسيخ مكانته في تاريخ الغناء والسينما مطربا وممثلا قل نظيره.

ولكن عبد الحليم حافظ كانت له علاقة طيبة مع لبنان البلد الذي أحبه وأحب أهله. وكانت له أعمال فنية مميزة فيه.

العمل الأول هو أغنية “ضي القناديل” الذي كتب كلماتها ووزعها الأخوان رحباني ولحنها محمد عبد الوهاب(1902-1991). سجلت في لبنان في العام 1963.

ولهذه الأغنية قصة يرويها جورج إبراهيم خوري في كتابه “حكايتي مع النجوم” إذ لحنها عبد الوهاب لفيروز عام 1960 ولم يتم الاتفاق على غنائها فأعطاها لعبد الحليم،  وعندما سمعها منه في القاهرة قال :” ليت هذا اللحن يكون لي”. وهكذا كان. ولعل هذا العمل هو الأهم في تعاون عبد الحليم مع لبنان بحسب الناقد الفني الياس سحاب.

ويقال إن عبد الحليم طلب من عاصي رحباني(1923-1986) أن يعيد أغنية “غالي الدهب غالي” لفيروز بصوته. ولم يتم الاتفاق. علما أن عبد الحليم كان يردد دائما أن أجمل صوت نسائي في العالم العربي هو صوت نهاد حداد (فيروز).

العمل الثاني هو أغنية “ولو” لوديع الصافي(1921-2013) لحنا وغناءً والكلمات لأسعد السبعلي (1910-1999). وهذه الأغنية أثارت ضجة في مصر لما سمعها عبد الوهاب بأكثر من جلسة في بيروت بصوت وديع الصافي ودهش باللحن وروعة الغناء. وبلغ من إعجاب عبد الحليم بهذا اللحن أنه غناه على العود والكمان في سهرة في بيروت بعدما أطرى وديع الصافي بالقول “إحنا بعد غناء وديع الصافي نروح نبيع ترمس”. وقد أصدرت شركة صوت الفن التي يملكها عبد الوهاب وعبد الحليم الأغنية في إطار ذكرى وفاته وبعنوان “ولو”.

العمل الثالث هو أغنية “طاير على جناح الحمام” كلمات الفنان محمد سلمان (1923-1997) وألحان بليغ حمدي (1932-1993). ومناسبة الأغنية هو تعرض جنوب لبنان لعدوان إسرائيلي في العام 1970 وكان هناك تصدٍ للعدوان من الجيش اللبناني والمقاومة الفلسطينية. وفي الأغنية تحية وطنية للبنان وسلام لأبنائه الشجعان.

وهكذا يكون عبد الحليم حافظ غنى من كلمات أسعد السبعلي “ولو” والأخوين رحباني “ضي القناديل” ومحمد سلمان “طاير على جناح الحمام” وكان غنى سابقا من كلمات الشاعر المهجري إيليا أبو ماضي(1890-1957) “لست أدري”. والملحن اللبناني الوحيد الذي غنى له هو وديع الصافي.

ولا ننسى أن عبد الحليم حافظ صور أغنيته “جانا الهوى” من فيلم “أبي فوق الشجرة” 1969مع ناديا لطفي، وخلدها في ربوع لبنان (بعلبك والروشة وحريصا وعاليه). وكانت حفلاته تقريبا سنوية في مصايف لبنان بيسين عاليه 1969-1973 و1974 والمدرج بحمدون 1970 ومرة مع نجاة الصغيرة ومرة ومع سميرة توفيق.

وكان في زياراته إلى بيروت يأتي برفقة محمد عبد الوهاب أو لوحده أو برفقة بليغ حمدي. كما كان يحرص في زياراته إلى بيروت على حضور مسرحية صباح في ستاركو ويصعد إلى المسرح لتهنئتها، وكذلك كان يفعل مع شوشو في المسرح الوطني. أو لدى زيارته للفنان عصام رجي في ناديه وهو الذي قال عنه “مكانته من مكانتي ومكانته من نفسه”.

كذلك كانت له إطلالات في تلفزيون لبنان في برنامج “سجل مفتوح” لعادل مالك مرة مع فريد الأطرش(1910-1974) في حلقة مصالحة، ومرة مع الشاعر نزار قباني (1923-1998) متحدثا عن قصيدة “رسالة من تحت الماء”. وغير مرة مع رياض شرارة (1940-1994) في برنامج “نجوم ولقاء”.

كان له مكانه في بيروت في السبعينات وكان ينزل في شقق مفروشة في بناية ستراند في شارع الحمراء. وأحيانا في أوتيل بيروت إنترناشونال المطل على البحر. وأخيرا في شقة مفروشة في الرملة البيضاء.

كان لعبد الحليم حافظ أيام من عمره في لبنان، أيام جميلة تعبق بذكرى فنان عصي على النسيان وبلد يغني للحياة.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *