خواء الحياة
وفيق غريزي
كلما انقشع خواء الحياة
ارى ظلها يتلاشى.. يموت
من خلال ذلك استطيع أن اعرف
الحقد الذي يفصلني عنها
اصرخ بمن قد يعود الى الدنيا
عبر عن اللهيب المتأجج في الصدور
امقت هذه الحقيقة المزيفة
تعكر صفو العصور.
***
هاكني امضي
عندما يسدل وشاحه المساء
اتهيأ للتجوال في حدائق السماء
في ليالي الأرق
اسمع عربدة الدخلاء
الضباب الاصفر يتمرأى في مرايا
الماء
يلعق لسانه عن الجذوع اللحاء
قبل مجيء النهار
يتمدد متعبا فوق اعتابها الابواب
مزقت الريح عن جسده الاثواب
حطمت خوابي حياتي
لاروي الارض اليباب.
***
اليعازر اعاده المسيح
من عالم الاموات
يخبر الناس عما رأى في دنيا الغياب
ضوء خفيض يرسم على الجدار
الظلال والاعصاب
عذارى يمتطن صهوة الامواج
كل واحدة لعشيقها تحمل باقة ازهار
يتجهن نحو شاطىء البحر
يتحدين الخطر
وارادة القدر.
***
الجذور المتشبثة بالأرض
لا تهاب اليباس والمنون
اي ثمار تحمل الغصون
نار الهجيرة تحرق الاوثان
افيء من صقيع الوهم
بحجارة الجدران
حيث تسكر الاوثان
ساخرة من حقارة الانسان
الموت يتربص بنا
في حفنة من تراب.
***
حين تشرق شمس الحرية
يفرح الكائن الانسان
على حبال المشانق تتأرجح
جثث المومياءات
هطل المطر
جرفت سيوله الحثالات البشرية
خفتت في الحناجر الاهات.
***
عندما تزفر الساعات
تقرع الاجراس
تستيقظ من خدرها الحواس
قطعان تسلس قيادها
لمن سميوا “حراس”
نسور الفكر تحلّق في الفضاءات الرحيبة
لكنها تعود لتسكن اعشاشها
على شجرة الذات البريئة
جثث مزروعة في الأرض البوار
نبتت اشواكا
ازهرت اظفار
في لهب الشموع تنتحر الفراشات
من دخانها تعبق الاديار
نسر مهيض الجناح
يملأ الارض الخواء
باقدس الاغنيات
الاذان القذرة كي لا تسمع الغناء
تقفل كل النوافذ والابواب.
***
اغصان الزمن الشاحبة
ازهرت.. واثمرت اشهى الثمار
اشباح تتدثر بالظلام
تحدِّق من كوى الجدران
الريح تعبر الأزقة بصمت اخرس
مثلما تعبر الجرذان
يبحث الموتى عن اشتاتهم
في كل مكان
ينتظرون القطار
عيوننا مطبقة بلا اجفان
في المحطة صوت ينادي
لن يأتي القطار
قد حان موعد الاغلاق
ارحلوا قبل أن تهرق الدماء …
