ما بعد الأوهام

Views: 314

خليل الخوري 

يُنتظر أن تنتهي الهمروجة خلال الأسبوع المقبل لتبدأ حملة الجد، بعيداً عن حفلات ادعاء الانتصارات، ليجد كلٌّ من الأطراف المتقابلة أنه في مواجهة الحقائق الجارحة، لأن البلد على كف عفريت فعلاً، وليكتشف المواطنون (مَن مارس حقه الانتخابي ومَن تمنّع عنه على حد سواء) أنهم ابتلعوا الطعم، وأن أي فريق لن يتمكن من تحقيق شيء من وعوده وتعهداته إلّا بالتفاهم فالتوافق مع الأفرقاء الآخرين…

ولعل أجمل ما قد يكتشفه اللبنانيون أن بعض الفائزين، من المجتمع المدني، أكثر عقلانيةً من سواهم، في الأطراف كافّةً… والحقيقة أنه تبين لنا، في هذا السياق، أنهم على وعي ورصانة وثقافة، وأيضاً على فهم لفلسفة إنشاء لبنان، أكثر بكثير من الطاقم السياسي، الذي حكَمنا، بل تحكّم بنا طوال عقود…

ولقد شاهدنا واستمعنا إلى بعض هؤلاء يتحدثون، عبر شاشات التلفزيون، فتبين لنا، بما لا يقبل الشك، أنهم ممن يمكن الرهان عليهم، للتعامل مع وضعهم كنواب أفضل من كثيرين من التقليديين… مع الاستدراك أن هذه الملاحظة لا تنطبق تعميماً على الطرفين.

وأود، هنا، أن أشير فقط إلى نموذَجَيْن على أمل أن يكونا قدوة ليس فقط لـ»الجماعة السياسية» (كما يسميها غبطة البطريرك الراعي) إنما أيضاً لرفاقهما من النواب الذين وصلوا إلى ساحة النجمة مسجّلين خروقات مهمة… عنيتُ النائبين الشابين ميشال الدويهي في زغرتا ومارك ضو في الجبل اللذَين نمّت تصريحاتُهما عن وطنية صادقة ومعرفة دقيقة بالواقع اللبناني وبالفسيفساء التي يُفترض أن تُشكل لوحة واحدة، وعن نظرة شمولية إلى لبنان، وعن طموح حقيقي لا يجنح إلى المستحيل…

وأكثر ما لفتني في أقوال النائبين أن أرجلهما على الأرض، وأنهما يدركان حجم الوافدين الجدد إلى الندوة البرلمانية فلا ينتفخان وَرماً، وأنهما لا يدّعيان البطولات الوهمية…

وعسى أن ينقلا «العدوى» ليس فقط إلى قدامى نزلاء البرلمان، إنما إلى زملائهما الآتين، مثلهما، من النضال في المجتمع المدني، لأن بين هولاء (من ذكور وأناث) قلّةً من النوع الذي لا يُحتمل!.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *