في التجريب الصّحافيّ(18)

Views: 305

محمّد خريّف

يذهب مسؤول ويأتي مسؤول ويموت كبار الحومة أو لايموتون ويمشي الجافل وقد يأتي الغافل أو لايأتي ،  وها أن أتطفّل على الصحافة، ولا أزال كذلك مصرّا على عدم القطع النهائيّ مع دبيب دودة المتاعب  إلى أن يقتنصني مسؤول جديد فيصطادني ، ولعله لا يعلم شيئا عن سوابقي مع سابقه ولم أكن ابا زيد الهمذاني ولا ذلك القريد ، لكن سرعان ما أقع في الفخ أي “المنداف”، وقد لا أفرّق وأنا في المصيدة بين باب القفص ونوافذه ، ولا ربح ولا خسارة لمن لا يفرّق مثلي بين الجدّ والهزل ،فلا أنا ربحت من جذ “الصباح” ولا خسرت من هزل “القنفود” ،هيهات  فقد ظللت معلقا بين هذا وذاك ،أفرح بنجاحي في الباكالوريا، وأحزن لما يبقى في خاطري من أمورجعلتني أسأل نفسي ولا تجيب نفس إلا بما بما رغب صاحبها منها، والسؤال الذي يقلقني ولا أجد له جوابا، فلِمَ  قامت القيامة حين نشرت خطأ في جريدتي الغراء خبرا حول جثة سويسريّ يلفظها البحر ولم يحرك أحد ساكنا حين قمت بالتصويب بعد أن تبين لي أن الجثة لسوريّ ولمّا تقم قيامة إلى حدّ الآن ولم يكن لها قعود، فلا حياة لمن تنادي ولاجهة رسمية أو غير رسمية سألت حسب علمي عن جثة أخينا السّوري الغريق إلى يوم الناس، وهل أعود إلى الجادّة وهل جثة السوسري أغلى من جثة العربيّ السوريّ ؟  وهذا سؤال عندي

آخر يليه لايزال يحيّرني أيضا لماذا تعمّد صحفيّ من أسرة التحرير** في جريدتي المفضلة تعويض لفظة يهودي بلفظة عابر سبيل أو بلفظة  رجل مّا في مجرى حواري مع مؤدّب صبيان ذكر لي فيه فضل اليهوديّ عليه حين مكّنه وهُما في طريقهما إلى منزل بوزلفى من امتطاء حماره والرضاء بالمشي إلى جانب الدابة ولا أدري إن تخلص الشيخ من شوكة في الحنجرة  تعلق باللسان كلما همّ مسلم بذكر لفظة يهوديّ ولا شيء عليه ولاهم يحزنون ؟ لا أدري ولا أدري وقد أذكر ولا أتذكر جيّدا،فالمهم أنّي توهّمت نقل ما سمعت على وجه الحقيقة لاالمجاز، فكتبت ما قاله لي بلفظه شيخ الإسلام مؤدّب الصبيان في ذكر فضل اليهوديّ عليه، وذلك من نعم التسامح  والاعتراف له بالجميل لليهودي باعتباره انسانا يرى الشيخ جديرا بالوقار والتكريم. فمنذ ذلك الحين وما أن صدر المقال تخلخل إيماني بمصداقيّة الصّحف في بلدي، وهل ثارت ثائرتي واحترت في أمري؟

فكيف تذكرت هذه الحادثة وغيرها وكيف تذكرت ماكان بي من زهو طمعا في الالتحاق بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار ؟ وقلت في نفسي ولا تأمر بسوء أو بنقيضه :”ماذا سيضيف لك علم الاخبار يا “امحمد” الباصص في عقله ،وأنت تعرف بعضا من خنّار “الصحافة في بلادك ؟وساورت ذهني أشباح  أمثال تخص اللدغ من الجحر مرات،و” النّقّاع” والطّباع والقِصَاع، فقلت علنا هاتوا جرابي ومزودي ولا أسف لي على التفريط في علم  معهد الصحافة وان لم يكن الانخراط فيه مضمونا  ،قلت  أرمي عصفورين بحجر ولا خوف عليّ من دمغة البوجادي في كلية الآداب والعلوم الإنسانية ولاندم، لكن هل يسلم شرف التطبّع بطباع الصرامة الأكاديمية من أذى توابع الصّحافة وزوابعها في رحاب كلية لايذكر القائمون عليها الصحافة ولا يعيرونهاها اهتماما إلا من باب التعريض بها وبمريديها من العوام ؟؟

( يتبع…)

***

**ذكرتني قصة الصحفي مع لفظة اليهودي بما يتمسك جورج طرابلسي وعبارة ” التجريب الصحفي” وكان لها أن تكون التجريب الصحافي”-وان كان  من الجائز الشائع استعمالها” لكن اللافت المهم في كل هذا ما عبّر عنه من تمسك بمبادئ أخلاقيات الصحافة التي تمنعه من أن يغير شيئا من مقال صاحبه” عيوني لا اسمح لنفسي بأن اغير حرفا في مقالاتكم” للعلم فقط فانني ارسل مقالاتكم للنشر فور استلامها، واطلع عليها لاحقا مثلي مثل أي قارئ أو متصفح للموقع… وأنا في ذلك استند إلى ثقتي بانكم أحرص مني لجهة الالتزام بأخلاقيات المهنة وعدم تضمين أي نص ما يمكن وصفه -لا سمح الله- بالشائبة، محبتي—”جورج طرابلسي…

***

*كاتب من تونس 

 

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *