الحلقة التاسعة والثلاثون من رواية “بَحر” لـ كابي دعبول

Views: 75

 

*”للصخور أسماء في الضيعة التي أبصرت فيها النور” (أمين معلوف-كتاب “صخرة طانيوس”)

 

 

يجلس حنا على صخرته المرتفعة فوق مياه البحر. يتأمّل الشاطئ الصخري وتراكض الأمواج باتجاه الشاطئ. يفرح، يحزن، يبتسم، يبكي، ناظرًا الى الأفق البعيد، يشكو همومه الى البحر، طالبًا منه الإتيان بأمل جديد يطفو على أمواجه المتراكضة نحوه. حتى بات لحنا مع صخرته عشرة وطول رفقة أمّنتا له ملاذًا آمنًا لمراجعة الذات والتأمّل. إن أحداث هذه الرواية وشخصياتها من نسج الخيال حتى ولو تشابهت الأماكن والأسماء، غير أن صخرة حنا تبقى الاستعارة الحقيقية الوحيدة الراسخة  في هذه الرواية، إذ كم من أمكنة تركنا فيها شيئًا من ذاتنا، مهما ابتعدنا عنها تبقى الملاذ الوحيد لذكرياتنا بحلوها ومرّها…

كابي

(٣٩)

 

مرّت السنة الأولى من دراسة بَحر الجامعية وكان الطالب الجامعي من المتفوقين في دراسة الهندسة.

ذات يوم قرر حنا أن يزور ولده بصورة مفاجئة وانتظره عند باب الجامعة وترافق معه بعد انتهاءالمحاضرات الى مكان إقامته في مسكن للطلاب.

استضاف بَحر والده في الغرفة التي كان يسكنها ويتشارك سكنها مع أحد رفاق الدراسة الجامعية، فوقعنظر حنا فور دخوله الغرفة على ملصق متوسط الحجم موضوع على الجدار في مكان وسطي بين سريريالغرفة.

-من علّق هذا الملصق يا بحر؟

-رفيقي.

-ومن هو رفيقك؟

-الطالب الذي يشاركني الغرفة.

-ولَم تعترض؟

– وَلِمَ الاعتراض؟

-الملصق يعود الى حزب سياسي. وتسألني عن جدوى الاعتراض! أَلَم أنبِّه عليك بعدم الاقتراب منالسياسة؟

وهنا دخل شريك بحر في سكن الغرفة وعرّفه بحر على والده.

-تشرّفت بلقائك يا أبا بحر.

-أهلاً يا بني. وأنا تشرّفت بلقائك. ما اسمك؟

-نِعمِه.

-ومن أين أنت يا نعمِه؟

-من محافظة قريبة من العاصمة.

-وهل قمتَ بتعليق هذا الملصق؟

-نعم يا أبا بحر فأنا أنتمي الى هذا الحزب وللحزب مكتب في الجامعة وبحر ناشط فيه.

نزل الخبر نزول الصاعقة على حنا. فما كان يخشاه قد حصل. ورمى نظره باتجاه بحر والشرارات تكادتتطاير من عينيه. ثم خرج من الغرفة وهو يقول بأعلى صوته: “يا ضيعان التعب”.

 (يتبع)

***

*إن أحداث هذه الرواية وشخصياتها من نسج الخيال حتى ولو تشابهت الأماكن والأسماء.

 

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *