في العيد ال٦٤… باسمة حتى بلغ الظلم مداه

Views: 352

عصام هشام عبيد

(ممثل اساتذة كلية الفنون الجميلة والعمارة- الفرع الثالث)

اليوم  بلغت الزميلة العزيزة الأستاذة المتعاقدة في كلية الفنون الجميلة والعمارة الفرع الثالث، باسمة بارود سنّ التقاعد، بعد ثلاثين سنة عطاء في الجامعة اللبنانيّة.

اليوم تتقاعد “باسمة”، بعد عطاء مثمر وراقٍ ، ولكن تحمل على صدرها وسام الظُلم الكبير، برتبة الجامعة اللبنانيّة.

تتقاعد، بعد أن تمّ تفريغ دفعتين من الأساتذة، ( عام ٢٠٠٨و ٢٠١٤)، على مدى ثلاث عشرة سنة، من دون أن يشملها قرار التفرّغ،  والسبب أنّ المحاصصة السياسيّة والمذهبيّة، أبعدتها عن حقّها في التفرّغ .

اليوم تتقاعد زميلتنا من كلية الفنون الجميلة والعمارة، وهي من الرعيل الذي ساهم في صنع المستوى الأكاديميّ الراقي لهذه الكلية، وفي قلب جميع زملائها الكثير من الحبّ والاحترام والتقدير لعطائها.

إنّ الجامعة اللبنانيّة تمرُّ اليوم بأزمة، تعتبر من أصعبها، منذ أن تأسست بجهود الطلاب والأساتذة الذين ناضلوا من أجل أن تبصرالنور،  لتكون منارة علميّة، تسهم في نهضة المجتمع اللبنانيّ، ورفده بالطاقات العلميّة، والمؤامرة على هذا الدور الذي سوف ينعكس كارثة على بنية الوطن ومجتمعه، وما الظلم اللاحق بالأستاذة باسمة بارود إلّا نموذج من المظلومية التي تتعرض لها الجامعة اللبنانية.

على رغم من أنّ الجامعة، صمدت في وجه من أراد أن يجعلها بابا لاقتسام المغانم والتوظيف، وثابرت على تظهير المستوى الأكاديميّ الراقي عبر تضحيات وجهود كادرها التعليميّ،  إلّا أنّها اليوم تمرّ بمخاض عسير يهدد مسيرتها و جودة التعليم فيها، فسياسة السلطة حوّلت الأستاذ الجامعيّ من باحث علميّ الى باحث عن لقمة العيش، من مفكر في عرض النظريات وحلّ الاشكاليات إلى مفكرّ عن  حلّ مشكلة تأمين المحروقات والكهرباء.

لقد امتهنت كرامة الاستاذ وقد تمّ إذلاله من قبل مجموعة فاسدين، تحكّموا بالوطن، فأصابوا جامعة الوطن

شاء القدر ان يتزامن تاريخ تقاعد الزميلة المظلومة باسمة بارود مع دخول الجامعة في الإضراب المفتوح، دلالًة على المظلومية المشتركة، وما مظلومية الزميلة إلا نموذجًا مما لحق بعدد كبير من اساتذة الجامعة من حرمان من التفرّغ والملاك، وصولًا الى حرمان الأساتذة من أمنهم الصحيّ، والجريمة الكبرى التي يتعرض لها الاستاذ المتعاقد، أنّه بات يقبض أجرًا غير عادل، و هذا الفتات من المال مؤجل الى بعد سنة او سنتين.  اما الحديث عن المباني الجامعية، فحدث ولا حرج، لقد بدأت الهياكل تتأكل بفعل عدم صيانتها، وتوقفت اعمال التشغيل، وهي تحنّ إلى اساتذتها وطلابها، ليبثوا فيها الحياة والنشاط، وأيضًا لا ننسى ما يتعرّض له المدرب والموظف من حرمان من أبسط مقومات الصمود والاستمرار.

إن أكبر ردّ اعتبار للزميلة المتقاعدة، وللزملاء الذين سبقوها في الظلم، ان تتضافر جهود أهل الجامعة من اجل اطلاق عملية استعادة صلاحياتها، واعادة قرارات التعيين والتقاعد وتشكيل مجلسها إلى الحلقات العلمية والاكاديمية، وليس الى المكاتب الحزبية، وزمر التحاصص المذهبي

لقد اشتد الحصار على الجامعة بعد ان تصدرت صفحات الوطن المشرفة وهي تتقدم نحو الجودة في التعليم، وفي نتاج الشهادات العلمية الراقية، وفي التصدي لوباء الكورونا ،وفي اجراء فحوصات الpcr فبدل ان يكافئوها ساهموا في التغاضي عن تحصيل حقوقها.

الجامعة تعاقب اليوم لانها كانت اقوى من الحصار، وما أنتفاضة اساتذتها، ورفع صوت اساتذتها الشرفاء، هي استكمال لنجاح الجامعة في تظهير ريادتها وتمتعها بجودة تعليمها وتميز كادرها التعليمي.

الزميلة العزيزة اليوم تتقاعدين بوجه هادئ  مظلوم،  وانت مظلومة ومسلوبة حقوقك، إلّا أنك باسمة، رغم ان الظلم قد بلغ مداه

كل عام وانت بخير.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *