محمد إقبال حرب قارئًا ديوان أميرة عيسى “دانتيلا الأَحلام”: فراشة الشِعر تنثر قصائدها على بساط عشقها، وطنًا وحبيبًا وإنسانية
محمد إقبال حرب
أميرة عيسى، دكتورة واستاذة في النقد الأدبي في الجامعة اللبنانية، شاعرة ورئيسة المنتدى الثقافي الأسترالي العربي.ألقاب نسيتها بعدما عرفتها عن كثب، إذ طغت انسانيتها ورهافة مشاعرها الصادقة على كل الألقاب. فالمشاعر الصادقة تعكس عمق الوجدان، تعُجُّ بالوفاء والعطاء عبر شعاع الفكر، لذلك اسميتها ذات يوم فراشة الشعر.
فراشة!!!
أجل فراشة، ليس لأن ربيع حروفها يماثل حروف الربيع المطرزة على أجنحة الفراش بالفاقع، واللامع والناصع، بل لأن مداراتـها لا تروم إلا أفئدة متأججة بنبض حب وآهات، فلا تخشى القضاء هناك بنار الشوق الأزلي. ولا ترسل مسبار قريحتها إلا حيث تتأجج مشاعر البشر فرحًا وترحًا، حيث تتلاطم أمواج السعادة وصخور الألم. همس الأشواق يطربها فترتل قصائدها، وأنين البشر يفجّر دموعها مداد إنسانية فتسطر دموع الرحمة على لوحة العطاء الإنساني. وتطرب لابتسامة عاشق وضحكة ربيع على وجه طفل في براري وطن لا يفارق وجودها.
مع كل هذا أراها صعبة المراس تجوب عوالم المشاعر والجمال، من علياء إلى علياء فلا ترضى إلا السفر إلى مراتب الإبداع فتقول:
“إن لم يبهرك بريقُ حلمك
فتّش عن حلم آخر
يجب أن يفُزعك حلمك… لكي تتألق”
ولأن عالمها فصول عشقٍ متداخلة، تمطر مزنها حنينًا ازليًا للحبيب والوطن، تناغش الفجر بحواريات صباحية، تزف الندى على بتلات الوجود وتقطر بلسمًا على جراح وطن منكوب من بُعد آخر وكأنها لم تغادره قط. طينة عشقها بين الوطن والحبيب تبدو وكأنها واحدة، فالوطن حبيب والحبيب وطن:
“أنا قدسك أنا أرضك
تعال اغمر ترابي
اجبلني بمائك المقدّس
وأعد خلقي”
وتقول:
طينتي وان بعد الزمان بها
من تراب ذرّاته
اسمها الإنسانية
تتفجر فراشتنا وطنية رغم المسافات، تثور بين حناياها مشاعر الانتماء والوفاء، ترفض مساواة الوطن البديل بجذورها، تصرخ من وجدان حي:
نُهاجرُ
ويبقى تراب الأرض
معلقًا في مآقينا
الوطن الثاني …. كذبة كبيرة
أرواحنا لها وطن واحد
تحلم الفراشة، ألف حلم وحلم مع كل غمضة عين، تقطف شرانق الأحلام، تستقي خيوط المشاعر حريرًا تنسجه على نول قصائدها أسمال دانتيلا تنثرها على بساط عشقها، وطنًا وحبيبًا وإنسانية.
مفاتيح ذاك العطاء الزاخر نقشته في ديوانها “دانتيلا الأحلام” لتشارك الحالمين بعضًا من حدائق الجمال الذي يغمر هذا الكون بسلاسة الحرف، وبريق الكلمة وعمق الرؤيا الذي لا تدرك مداه وسرّ وجوده إلا فراشة شعر.
أبارك للشاعرة القديرة د. أميرة عيسى على هذا الديوان الرابع في مسيرة ابداعها المنيرة وننتظر اثراءنا بالمزيد من قطوف بساتينها.
26 تموز 2022
***
*ألقيت في حفل توقيع ديوان الدكتورة أميرة عيسى “دانتيلا الأحلام ” بدعوة من المنتدى الثقافي الإسترالي العربي في مكتبة برزخ-الحمرا.
