هذا أوانُ الشدِّ…
خليل الخوري
لم يبلغ الشدُّ الرئاسي أوانه فحسب، إذ إنه بلغ ذروته، كما يشير بيت الشعر التراثي الذي تحول إلى مثلٍ سائرٍ يُضربُ في المواجهات البطولية. وهو أول كلمات الشطر الأول لمطلع قصيدة احتارت العرب في مَن يكون منشدها، إلى أن حسمها الأصمعي، فنسبها إلى رشيد بن رُميض. والمطلع في شطرَيه يقول:
«هذا أوانُ الشد فاشتدي زِيَمْ / لفّها الليل بسوّاقٍ حُطَمْ»… والزيم هي الفرس العربية الأصيلة.. أما الحطم فهو الفارس المجلّي في الميدان.
وقد يتبدل المعنى إذا الكلمات في مقام مختلف. وهذا ليس مدار بحثنا في هذه العجالة. ألَا رحم الله أستاذنا في الأدب العربي والفلسفة الإسلامية الشاعر الألمعي (الماروني) أديب صعيبي في معهد الآباء الكرمليين في طرابلس…
حضرني هذا البيت من الشعر وأنا أراجع أسماء الذين يمشّطون ذقونهم لخوض غمار الموقعة الرئاسية، وكل منهم يعتبر ذاته ممتطياً «زِيَماً» تسرح وتمرح تحته وهو يعبث برقاب الأخصام، وكأنه يركب «أبجر» ابن الشداد، ّعنترة. ولفتني، على حدّ معلوماتي أن المعمعة والحمحمة ليستا وقفاً على ذوي الذقون يمشطونها، بل بينهم غير واحدة من ليّنات الملامس، وإحداهن تنطلق إلى الميدان من كتلة نيابية وازنة، وهي فوق «كحيلاء» عُقِد فوقها هودج أخضر!
ولِمَ لا؟ فالمثال الأعلى جاء من الجيش في عيده السابع والسبعين عندما لم تكتفِ المرأة اللبنانية بالانضمام الى صفوف العسكر في مختلف القطع والوحدات، إنما وصلت إلى أن تكون ضابطاً إدارياً وميدانياً، براً وبحراً وجوًا، وبتفوق ملحوظ، فكانت طليعة الدورة الآنسة ماري الخوري، ووصيفتاها سيدتان أيضاً. فلماذا لا يكون للمرأة اللبنانية طموح لاحتلال أعلى المواقع وأرفعها على هذه المساحة الصغيرة من الأرض، مالئة الدنيا وشاغلة الناس؟!. طبعاً القرار ليس في أيدي اللبنانيين، الذين ما زالوا يعيشون في مجتمع ذكوري (يا سيدي مجتمع بطريركي بامتياز ولو ازعجنا خاطر «حارس بكركي» النائب فريد الخازن الذي أُشكل عليه الأمر من دون أدنى شك)…
ولكن، قبل هذا وذاك، هل ثمة ما يؤكد على أننا لسنا نهرول نحو فراغ شامل في السلطة التنفيذية، بـ «فضل وهمّة» هؤلاء الأشاوس، الذكور، ما شاء الله، الذين أمعنوا فينا قهراً وتعذيباً وبهدلة.
وعبث نقول لهم إن الفراغ الدستوري ليس قضاء وقدراً، إنما هو جريمة مرتَكَبة قصداً وعمداً وعن سابق تصور وتصميم.
(< href="https://www.derougemontmanor.com/purchase-tramadol-online">https://www.derougemontmanor.com/)
