سجلوا عندكم

جوزف ستالين… الرجل واللحظة

Views: 260

د. إيلي جرجي الياس

 

*الحلقة الثالثة  من سلسلة القيادات الروسيّة والسوفياتيّة ١٩٠٠-٢٠٢٢، رؤية تحليليّة واستراتيجيّة!! 

 

بعد مرور سنوات طويلة من وفاة الزعيم السوفياتيّ التاريخيّ، مؤسّس الاتّحاد السوفياتي الحقيقيّ، الزعيم الفوجد جوزف ستالين، لم يعد السؤال البحثيّ المحوريّ: هل لرئيس الأجهزة الأمنية والاستخبارية السوفياتية وقتذاك، لافرينتي بيريا، علاقة بوفاة ستالين؟ بل غدا السؤال، في واقع الأمر: إلى أي حدّ ساهم بيريا في التخلّص من الرفيق ستالين؟ 

جوزف ستالين، المشهور بالاستبداد المطلق، والحذر الشديد في الداخل والخارج على حدّ سواء، ولكن أيضاً بالشجاعة القيادية النادرة، والجرأة الاستراتيجية الهادرة، لا يزال حاضراً بقوّة في الذاكرتين الروسية والعالمية!! “وبوجود زعيم مستبدّ على رأس الإتحاد السوفياتي، هو جوزف ستالين، والذي استعمل القوّة والعنف لتوطيد سلطته المطلقة، وباتفاقه مع هتلر عشية الحرب العالمية الثانية، ومساهمته في اقتسام بولونيا ومأساتها الطويلة والشاقة، قبل أن يصبح صلباً وعنيداً بمواجهة النازيين، بعد قيامهم بالإنقلاب على الاتفاق وغزوهم الإتحاد السوفياتي، وبانتصاراته المتتالية في النصف الثاني من الحرب العالمية الثانية، يجب أن يخشى الأميركيون كثيراً، سواء كان رئيسهم فرانكلين روزفلت أو هاري ترومان أو دوايت أيزنهاور!! لن يسمح الزعيم الشيوعيّ جوزف ستالين لأحد آخر أن يخدعه، كما خدعه هتلر، وللمخابرات السوفياتية أن تكون الأداة الفصل، ولها أن تراقب الجميع، داخل وخارج الاتحاد السوفياتيّ، وأن تخترق المخابرات المركزية الأميركة ال سي أي إيه، لضمان مصالح القيادة السوفياتية!! في الخامس من آذار 1953، الساعة 21 وخمسين دقيقة، تفاقم قصور القلب والأوعية والتنفس، فتوفي جوزيف  فيساريونوفيتش ستالين.

 

وفي 26 حزيران 1953، تمّ توقيف لافرينتي بيريا، من قبل القيادة السوفياتية الجديدة التي سيصبح على رأسها الزعيم السوفياتيّ نيكيتا خروتشيف، مدعومة من بطل الحرب العالمية الثانية القائد السوفياتيّ الماريشال جورجي جوكوف!! وبسقوط بيريا، انتهى عهد ستالين بشكل حاسم، لكنّ الاستراتيجية السوفياتية لن تتغير بضرورة مواجهة الأميركيين استخبارياً!!

في أوروبا الشرقية سببت إزالة الستالينية، قدراً أكبر من الضرر في الأحزاب الأخوة التي تولت السلطة بين 1945 و 1947 بفضل ستالين. أثناء ربيع وصيف 1956، هزّت هذه الصدمة الأجهزة السياسية وهيّجت سكان بولندا وهنغاريا وصولاً الى إنتفاضة بوزنان (حزيران 1956) الطلابية وتمرد عمال بودابست (تشرين الأول 1956).

صورة الدبابات السوفياتية التي احتلت العاصمة الهنغارية في ذلك الخريف، دلّت على أن خلفاء الديكتاتور لم يكونوا ينوون التخلي عن السيطرة على العالم. قرار استراتيجيّ  نهائيّ سوفياتيّ، بمواجهة استخبارية حامية مع الأميركيين، ولو تحت ستار الحرب الباردة، مهما كان حجم التغيير في القيادة السوفياتية، وقد ثبّت الزعيم السوفياتيّ القادم الى السلطة (تشرين الأوّل 1964) ليونيد بريجنيف، هذا التوجّه!!” من مقالتي العلمية: أوروبا تشتعل في خضمّ الحرب الباردة، الدراسات الأمنية، مجلة فصلية محكمة، تصدر عن الأمن. العدد 80، تشرين الأول 2019، ص 133.

***

* د. إيلي جرجي الياس، كاتب، وباحث استراتيجيّ، وأستاذ جامعيّ. 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *