سجلوا عندكم

تجربةٌ أَحسَنُ ما فيها… الإعتراف !!

Views: 558

 الدكتور جورج شبلي

قالَ لي :

لن أكونَ ذا ذِهنٍ صَدِئٍ، لا مَنفَذَ له في شُعاعِ الإعترافِ بالخَطَأ، ولا مَدَبَّ له في نورِ الصِّدق، والصِّدقُ مَعينٌ لا ينضبُ، ولا يَغيض، فالتّغاضي عنهُ هو أَقتَلُ المَعاطِب، والبراعةُ هي في القَفزِ الى وَجهِهِ لتَعقدَ نفسي قِرانَها على النُّضج.

كنتُ أُمسِكُ ذاتي عن المَضِيِّ الى أيِّ طقسٍ وَثَنِيٍّ، حتى لا يلتقيَ صَداهُ، فِيَّ، بصَدى القناعةِ بإلتزامِ الأمانِ في الأمانة، وقد أَدمَنتُ على تَلَقّي الإفادةِ منها، ولا مُؤاخَذاتٌ على الإفادة. لكنّ لاهوتَ القناعةِ لامَسَهُ ناسوتُ الميول، وأَتَمَّ عقدَهُ، فضحكَ سِرّاً، وكأنّه أصابَ مكافأةً شَمَخَ بها أَنفُه. وليسَ بِمُنكَرٍ أن يُشهَدَ باشتِغالِ النَّزواتِ، وبانقطاعِها الى إِنجاحِ شَفرةِ الخطيئةِ في تَذَوُّقِ دَمِ الخيانة.

حينَ أَتمَمتُ حلقاتي في المُحاماة، واعتلَيتُ منصَّةَ البُروزِ، ولوَّحَت شمسُ نجاحي أوقاتاً مبارَكة، لم يذهبْ صوتُ حُضوري سُدًى، بل كَمَنَ لي في قلبٍ مُفتاحُهُ زَحفُ الحَنانِ الى الحَنان، هذا الذي وقعَ من نفسيَ موقعَ السِّحر، فشرَّعْتُ ساحتي لنَبضاتِه، وهو الأَدَلُّ على القَبول. وعندما حَلَّتِ العَينانِ الذّاخِرتانِ بالجَمالِ في إِحساسي، حَلَّ الرَّبيعُ في تلكَ البِقاع، فالمَجلسُ المَحرومُ من نفحةِ العِشقِ استماحَ مَسارَ المُتعةِ إليه، والعِشقُ غيرُ مَعتوبٍ عليه، كالعَقيق، والعَقيقُ لا يكذب.

إنّها امرأةٌ ملأَت قصّةَ غرامي، وكانت استعارةَ الدّنيا، لي، من ميراثِ النَّعيم، وكنتُ، معها، مُستَوطِناً الجنَّة، فغَمَضَ الزّمنُ عن عقابي، وتركَني أتنقَّلُ في جنينةِ عشقٍ يخضَرُّ ثَراها، ويفاخِرُ قلبي بالإنتماءِ إليها. قبلَها، كانَ ذِكرُ نَحرِ الإلتزامِ، بالحُبِّ أو الخطيئة، يُؤثِم، وينفرُ منه عقلي، وتتوتَّرُ أعصابي، فهو مُشَوِّهٌللبراءة، يُغَبِّرُ دخانُهُ مُحَيّا الإرتباط، ولم يراودْني، معه، إلّا عبارةٌ صَدِئَةٌ هي أنّ في كلِّ نزوةٍ إمرأة، وكأنّ مُكَوَّنَها خِربةٌ في جِدار، وهامتَها يابسةٌ كالأعوامِ العِجاف، وليس لها بَختٌ مُساعِدٌ حتى أُتلِفَت من دونِ أن يُقرَعَ لها باب.

عرفتُها، وتوسَّعَت ظِلالُ علاقتِنا، وبزغَ فجرُ حُبٍّ لم ننفرْ من بَريقِه، وتوسَّعَت رقعةُ المُصارحة، فأطلعَتني على ما عانَت من هَولٍ في حياتِها مع شريكِها، فوجَدْتُني مُنقاداً، وأنا المُدافِعُ عَمَّنْ لُطِمَ بِما خَبُثَ من الظّلم، للوقوفِ الى جانبِالَّتي أصبحَت رمزاً للخَصبِ في مشاعري. فالمرأةُ، هذه، حبيبتي، وعشيقتي، بالتالي، هي فَنٌّ واضحُ الرّسوم، أُتنافسُ ونفسي في تَحبيرِ تأنّقِها، لم أَشتَرِ المتعةَ إلّا من سُوقِها، فكم بينهما من ملاحة. وملاحةُ عشيقتي نبيذٌ انْتُقِيَ عِنَبُه، ورَوضٌ بُسِطَت بالحَنانِ أرضُه، وجَمالٌ هو أَرَقُّ من نسيمِ السَّحَر.

لقد ملأَت هذه المرأةُ وجدانيَ الذي أسكنَها في روحِهِ وكأنَّ في مُقتناها غِنى دَهرِه. معها، أفسَحتُ للأُنسِ في عِشقِها مجالاً ليتطلَّعَ الى الأَبعد، الى بُغيةٍ كان نَصيبُها من النّشوةِ ليس زهيداً، وكذلك من الخيانة. لكنّ مواعيدي لها كانت، دائماً، ضامِنة، لأنني استَدَلَّيتُ، بها، على لُقَمِ موائدِ الفرح، والأَنفاسِ العابقةِ بالهَوى، ولَو بغيرِ حَلال، واستمتعتُ بذخائرِ حُسنِها، وأَلِفتُ الى حُبِّهاالذي صارَ، معي،قضيّةً آهِلَة.

كنتُ أحسبُ نفسيَ، في مبادلتِها حنانَها بالمتعة، كأنّني أَزجُرُ مَنْ قَسا عليها، ولمّا يَزَل. ولم أَحسب، بتاتاً، أنّ الإِجحافَ في واقِعي المَأسَوي، يغطّي الخيانةَ، والخيانةُ رَذيلة.كنتُ محروماً فجَحَدتُ حَليلَتي أكثرَ من ثلاثِ مرّاتٍ، ولم أنتظرْ صِياحَ الدّيك. لعلَّ في ذلك رَقصةَ الموت، لكنّني لم أفكِّرْ بالخطيئة، فحَقّي بالتمتُّعِ بالنّزعةِ الطبيعيّةِ، وقد حُجِبَتْ عنّي، في سِنِيِّ الوحدةِ الزوجيّة، هو الحَلُّ الرَّحبُ في عالَمي الجديدِ الذي ابتَدَعتُهُ، مع عشيقتي، والذي يَمقتُ تَزَمُّتَ العاداتِ الصّارِم، ويرفضُ النَّظَرَ الى الخائنِ بِحَقٍّ، نظرةَ احتقار.

لقد تابَعتُ نَهجيَ العابِثَ مع عشيقتي التي جَرَّعَتني من النّشوةِ أَلواناً، وكأنّها، في ذلك، من أسرةٍ عريقة. لكنّني لا أُنكِرُ أنّ هذه المرأةَ التي برقَتْ في دُجى حياتي، لم تكنْ، إلّا كَأنا، تعاني رِقَّ الشَّريك، وقسوةً مُخجِلَةً صيَّرَت صورتَها خريفيّة. وقد عِشتُ معها تلكَ القصّةَالغراميّةَ التي لم يُكتَبْ عليها أن تولَدَ بالأوجاع، كيفَ لا، ونحنُ، هي وأنا، بَشَرٌ تامٌ، مُتماثِلانِ في الذّاتِ، والإحساسِ، والعواطف، وعلى نورٍ من أمرِنا.

وذاتَ ساعةٍ، أجلسَتني قُربَها، ضَمَّت بيَدَيها يَدَيَّ الإثنتَين، وبأَلفاظٍ تفيضُ عذوبةً، وجزالةً، ورِقّة، قالَت: إنّ ما نقومُ بهِ هو عقيدةٌ ضالَّة، وحالةٌ دخيلةٌ على رَجاحةِ عقلِنا، وباطِلٌ، إذا استمرَّ، يهدِّدُ وضعَنا، فلا أنتَ قادرٌ على الإنفصالِ عن عائلتِك، ولا أنا. وإذا أَسكَنّا نفسَينا، وجسدَينا، في جنَّةِ الحبِّ واللَّذّة، لفترة، باتَ واجِباً  علينا، وبِلا تَرَدُّد، أن نودِّعَ تلكَ الجنّةَ لتصبحَ، في عمرِنا، مجرَّدَ ذِكرى. ربّما يُسَمّي البعضُ ما عِشناهُ نزوةً غيرَ مستقيمة، لكنّني أحبَبتُكَ، ولو لم أفعلْ، لَما استمرَّيتُ حتى وُلِدَت، فِيَّ، الرّغبةُ لمُطارحتِكَ كلَّ ذلك الغرام…

يا صديقي، أنا أعترفُ بأنّ تلكَ المرأةَ التي كانت، وحدَها، في حياتي، نُسخَةً عن مَلاك، لولاها لكانَ عُمري كلُّهُ حَصًى، وغُباراً، وأيّاماً لم أَحفَظْ منها شيئاً. وأعترفُ بأنّ تجربتي، معها، لم يُخمَدْ أَثَرُها في إِرثي، ولن يُخمَد، ليس لأنني تأكّدتُ، معها، بأنّ الجنَّةَ موجودة، بل لأنّ عامِلَ الوَعيِ فينا، كان، معها، الأَغلَب، وإيقاعَ العقلِ كانَ الأَقوى، ومزارَ الوقارِ كان الأَقرَب، ما ضخَّ في شريانِ النّجاةِ من الزَّلَلِ ما يصبو إليهِ من فَيض.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *