رحيل ريمون شديد… نقيب مِنْ زمن النضال

Views: 575

المحامي كابي دعبول

 

في العام ٢٠٠١ توجهت مع صديق عمري جورج التبشراني من بلدة حمانا ليلاً الى منزل المحامي ريمون شديد في بيروت لأنقل إليه أخبارًا جيّدة حول انتخابات نقابة المحامين في تلك السنة.

لدى دخولنا المنزل الذي قصدناه من دون موعد وجدنا المحامي ريمون شديد يرتدي ثياب النوم وقد همّ في الدخول الى فراشه، لكنه شعر بأن الزيارة في ذلك الوقت المتأخر من الليل  تحمل في طياتها ما لم يكن بالامكان تأجيله الى الصباح.

ليلتها حملت إليه خبرا من محامين ينتمون الى مجموعة سياسية مضطهدة وملاحقة ومحظورة دعم ترشحه الى مركز نقيب المحامين في بيروت.

على الرغم من تفاجئه السار أخبرني بأن الأمر فيه صعوبة لأن نجله المحامي الياس لا يزال في العاصمة الباريسية.

كرّت سبحة التأييد وجاءت هذه المرة من تيار سياسي آخر وقد أكد زعيمه المنفي علناً دعم ريمون شديد لانتخابات النقيب.

وما هي إلا أيام أُخَر حتى دعا المحامي سليم غاريوس مجموعة من المحامين الناشطين في نقابة المحامين الى اجتماع في منزله في الشياح وخلص الاجتماع الى تأييد المحامي ريمون شديد في انتخابات نقابة المحامين.

كانت الاجواء السياسية في تلك السنة ساخنة والسلطة لا تتوقف عن مضايقة المعارضين الناشطين، لكننا انتظمنا في فرق عمل من أجل خوض معركة ريمون شديد الذي فاز في الانتخابات نقيبًا للمحامين بعدد أصوات ملفت في تلك الايام.

حرب الفنادق

صودف في تلك السنة ترشح المحامي (النقيب) رمزي جريج أطال الله في عمره، فدارت المعارك الانتخابية في ما بينهما وبشكل راق وحضاري من خلال إقامة الندوات الانتخابية من قبل المرشحَين في فنادق فخمة ومرموقة من فنادق بيروت. فأطلقتُ على المعركة الانتخابية النقابية تسمية “حرب الفنادق” فشاعت هذه التسمية كثيرا بين المحامين وذاع صيتها.

 

الاتصال من باريس

ليلة انتخابه وعملا بالعادات النقابية، كان على النقيب شديد أن يزور المرشحين غير الفائزين بمركز النقيب الذين تنافس معهم في المعركة الانتخابية، كما زيارة النقباء السابقين.

رافقته في جولته هذه مع المحامي سميح البشراوي (عضو مجلس النقابة لاحقّا) الذي أقلّنا بسيارته الفخمة والمحامي جورج نخلة  (عضو مجلس النقابة لاحقا) فقصدنا أولا منزل (النقيب) المحامي رمزي جريج ومن ثم المحامي المرحوم جورج ملكي. ومن ثم قمنا بزيارة النقيب ميشال خطار أطال الله عمره. ونحن في طريقنا الى ذوق مكايل لزيارة النقيب المرحوم ميشال ليان ولدى وصولنا الى نفق نهر الكلب رنّ الهاتف الجوّال العائد للنقيب الجديد فنظر الى شاشة جوّاله قائلاً: الاتصال من باريس إنه الجنرال. وبالفعل كان الجنرال عون على الخط الذي اتصل مهنئًا فبكى المحامي جورج نخلة تأثرًا كونه كان من محامي التيار.

النقيب المرموق

لم يكن ريمون شديد طارئا على العمل النقابي بل كانت له صولات وجولات سابقة ساعدته على الانطلاق في عهده الى الأمام وحافظ على الرغم من كونه نقيبًا معارضًا للزمن السياسي السائد آنذاك، على علاقة مميزة مع رئيس الجمهورية إميل لحود. وأذكر أن البعض ممّن أيده في الانتخابات عاد واختلف معه حول قضايا متعددة.

نقيب… نقيب في مطار شارل ديغول

في العام ٢٠٠٧ كنت متجهًا مع زميلي المحامي علي برو الى النروج حيث درسنا هناك السياسة البترولية وإدارة الموارد البترولية فتوقفنا خلال رحلتنا هذه في مطار شارل ديغول. جلسنا نحتسي القهوة في إحدى مقاهي المطار وإذا بالنقيب شديد يمر مسرعًا فصرخنا بعفوية: نقيب… نقيب. فتوقف مندهشًا وضحك كثيرا عندما رآنا قائلاً: كنت أسأل نفسي من سيندهني في مطار شارل ديغول وبالعربية يا نقيب.

لن أقول وداعًا

الى اللقاء أقول لك أيها النقيب العزيز، فلي معك الكثير من الحكايات الحلو والمرة من زمن نضال كنا فيه أقوى وأمتن على الرغم من مشقات تلك الايام المعروفة وما حصل فيها.

والى عائلتك الكبيرة نقابة المحامين والى عائلتك الصغيرة ولا سيّما الصديق العزيز الاستاذ الياس أقدم تعازيّ الحارة مردّدا المسيح قام… حقا قام.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *