سجلوا عندكم

فلاديمير بوتين رجل اللحظة الراهنة… الحاكم والحكيم والحكم

Views: 75

د. إيلي جرجي الياس

 

*الحلقة 17 من سلسلة القيادات الروسيّة والسوفياتيّة 1900-2022، رؤية تحليليّة واستراتيجيّة!! 

 

في ما يعتبر من التداعيات المباشرة والخطيرة للحرب الأوكرانية، التي انطلقت يوم 24 شباط 2022،  بالهجوم الروسيّ الاستراتيجيّ، على الأراضي الأوكرانية، فتح محقّقون روس تحقيقاً جنائياً شاملاً، في قضية مقتل داريا دوغينا ابنة الفيلسوف وعالم الاجتماع الروسيّ الشهير، ألكسندر دوغين، والتي قتلت، السبت 20 آب 2022، بعد أن زُرعت عبوة ناسفة في السيّارة التي كانت تقودها، وذلك أثناء عودتها من مهرجان، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الروسية تاس.

 

وفي تصويب خطير لمسار القضية، كشف عازف كمان روسيّ صديق للعائلة، يدعى بيوتر لوندسترم، أنه كان من المفترض أن يكون ألكسندر دوغين في السيارة مع ابنته، غير أنه استقل سيارة أخرى في اللحظات الأخيرة. وفي المقابل، وجّه رئيس جمهورية دونيتسك الشعبية المدعومة من الكرملين، الاتّهام المباشر إلى النظام الأوكراني بالتورّط في الانفجار، قائلاً: كانوا يحاولون تصفية ألكسندر دوغين لكنهم فجّروا ابنته.

 

يشار إلى أن ألكسندر دوغين يوصف بأنه عقل الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين، ومستشاره الخفيّ، لتأثيره في المجالات الجيوستراتيجية على آراء ومخطّطات الرئيس الروسي. أمّا ابنته داريا فقد كانت صريحة بشكل مطلق، في دعمها للعملية الروسية الواسعة في أوكرانيا، وهذا ما كلّفها العقوبات الحكومية الأميركية في آذار الماضي.

 

الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين،  مفتتحاً الحرب الباردة الثالثة، بعد الانحسار التدريجيّ للكورونا كوفيد 19، بالهجوم العسكريّ الشامل على أوكرانيا، قرّر أن يكتب فصلاً جديداً ومثيراً في التاريخ الحديث والمُعاصر. “من الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918) إلى الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945) وما بينهما مرحلة من الاضطرابات السياسية والعسكرية والاقتصادية (1918 – 1939)… ومن الحرب الباردة الأولى (1947 – 1991) إلى الحرب الباردة الثانية (2000 – 2020) وما بينهما مرحلة من الأزمات عبر العالم (1991 – 2000)… ومن الإنفلونزا الإسبانية (1918 – 1920) إلى الكورونا كوفيد 19 (2019 – 2021) وما بينهما انتشار لكثير من الأوبئة والفيروسات والأمراض عبر العالم… لم تعرف الإنسانية في تاريخها الحديث والمُعاصر، الأمن الشامل المطلوب، والازدهار الاقتصاديّ الدائم، والسلام العالميّ المنشود… لعلّها، بعد زمن الكورونا كوفيد 19، تصحو على عالمٍ جديد من الأمل والأمن والأمان، والبحبوحة والعدل والسلام!!

Klonopin) jpg” alt=”” width=”658″ height=”388″ srcset=”https://aleph-lam.com/wp-content/uploads/2022/08/DR.-Elie-Elias-soviet-leaders-5-5-300×177.jpg 300w, https://aleph-lam.com/wp-content/uploads/2022/08/DR.-Elie-Elias-soviet-leaders-5-5-1024×603.jpg 1024w, https://aleph-lam.com/wp-content/uploads/2022/08/DR.-Elie-Elias-soviet-leaders-5-5-768×452.jpg 768w, https://aleph-lam.com/wp-content/uploads/2022/08/DR.-Elie-Elias-soviet-leaders-5-5.jpg 1223w” sizes=”(max-width: 658px) 100vw, 658px” />

 

 لقد اتخذ الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين القرار الحاسم: عودة روسيا الاتحادية بقوّة إلى الساحات الدولية، ولو اقتضى الموضوع مواجهةً استخبارية حادّة مع الأميركيين خلال الحرب الباردة الثانية، بعدما كاد المشروع الأميركيّ بإنهاك روسيا ينجح في الفترة الممتدّة بين ولاية الرئيس السوفياتيّ الأخير ميخائيل غورباتشيف والرئيس الروسيّ الأوّل بوريس يالتسن… أحكم الرئيس فلاديمير بوتين قبضته الحديدية في الداخل، فأقصى مراكز القوى والمافيا الاقتصادية، وكلّ معارضة مدعومة من الغرب، وصولاً حتّى تجربة أليكسي نافالني… وعمل على حماية وصيانة المجال الحيويّ لروسيا: أعاد الشيشان إلى الحضن الروسيّ، ووضع حدّاً للطموحات الجورجية، وحاصر الأحلام الأوكرانية في مهدها فضمّ القرم – المنطقة الاستراتيجية – إلى روسيا، ووفّق بين أرمينيا وأذربيجان في سبيل المصلحة الروسية المطلقة، وتدخّل في سوريا فارضاً كلمته الفاصلة، على مسافة من الدهاء السياسيّ بين القدرات الإيرانية والطموحات السعودية والآمال التركية، وتفوّق حضوراً سياسياً واستخبارياً في البلقان، وبات الحاكم والحكيم والحكم، وكأنّه القيصر الروسيّ الجديد في مطلع الألفية الثالثة…” (من مقالتي العلمية: ما بين تجلّيات الحرب الباردة الثانية، وبداية الألفية الثالثة!!، الدراسات الأمنية، مجلة فصلية محكمة، تصدر عن الأمن، العدد 89، كانون الثاني 2022،  ص 113، 114).

***

* د. إيلي جرجي الياس، كاتب، وباحث استراتيجيّ، وأستاذ جامعيّ.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *