الرئيس بوتين، واحتمالات الحرب النوويّة

Views: 348

د. إيلي جرجي الياس

 

*الحلقة 40 من سلسلة القيادات الروسيّة والسوفياتيّة 1900-2022، رؤية تحليليّة واستراتيجيّة!! 

 

في إطار تحذيرات عديدة ومترابطة، صدرت عن الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين ومساعديه خلال الأسابيع الماضية، أصدر نائب رئيس مجلس الأمن الروسيّ، رئيس الجمهورية السابق ديمتري ميدفيديف، مؤخّراً تحذيراً نووياً جديداً وقاسياً لأوكرانيا والمعسكر الغربيّ بقيادة الولايات المتّحدة الأميركية. وقد اختلف تحذير ميدفيديف عن التحذيرات السابقة، في أنّه توقّع لأوّل مرّة، أنّ الولايات المتّحدة الأميركية وحلف شمال الأطلسي، لن يغامرا بحرب نوويّة شاملة. 

 

عواقب وخيمة!

وفي المقابل، على هامش المواجهات الكلاميّة، أكّد حلف شمال الأطلسي، أنّ استخدام روسيا الأسلحة النوويّة لن يكون مقبولاً، وعواقبه ستصبح وخيمة، وذلك بعد تحذير الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين نفسه، بشكل مباشر وحادّ لأوكرانيا والغرب بشأن استخدام هذه الأسلحة!!

يدرك الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين مخاطر الحرب النوويّة الشاملة على العالم، ولكنّه يستخدم احتمالات الحرب النوويّة لتوثيق الحضور الروسيّ الفاعل في الحرب الأوكرانيّة، نجاحاً يمهّد لاتّفاقيّة بين الطرفين الروسيّ والأوكرانيّ، تكرّس انتصاراً ولو محدوداً ولكن محدّداً للكرملين… “لقد نجح الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين نجاحاً استراتيجياً باهراً في تأمين المجال الحيويّ للاتحاد الروسيّ، استعداداً لضمان المصالح الروسية في أوروبا الشرقية واستعادة الدور الرياديّ هناك من جهة، ولتثبيت الحضور الروسيّ في سوريا وإعلاء شأن الحضور الروسيّ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من جهة أخرى… 

شتّان ما بين السياسة الروسية الاستراتيجية الشاملة، زمن الرئيس الروسيّ بوريس يالتسن ضعفاً وتراجعاً، وزمن الرئيس فلاديمير بوتين نجاحاً وتألّقاً… 

 

بين المفاوضات الساخنة والمواجهات الباردة

وثّق الرئيس بوتين الدور القياديّ للاتحاد الروسيّ: بين المفاوضات الساخنة والمواجهات الباردة مع الأميركيين لتأمين مصالح بلاده، سياسة حذرة تجاه الاتحاد الأوروبيّ وتفعيل الحضور الروسيّ السياسيّ في البلقان وأوروبا الشرقية، تحالف وثيق وشامل مع الصين الشعبية، وانسجام في العلاقات مع إيران، خصوصاً حول الدور الروسيّ المتقدّم في سوريا، تطوّر إيجابيّ في العلاقات السياسية والاقتصادية مع المملكة السعودية والخليج العربيّ ومصر، وحضور بارز في شمال أفريقيا وفي العلاقات مع دول العالم الثالث…

 

 مع الحرب الباردة الثانية، عادت روسيا بقوّة وثقة ونجاح إلى الساحات الدولية… وقد استفادت القيادة الروسية من آلية العلاقات السياسية والديبلوماسية والاستخبارية الدولية الأميركية زمن الرئيس دونالد ترامب، والتي تميّزت عن المسار الأميركيّ الشامل والتقليديّ، حيث كان عهد الرئيس ترامب عهد المفاجأت بامتياز…” (من مقالتي العلمية: ما بين تجلّيات الحرب الباردة الثانية، وبداية الألفية الثالثة!!، الدراسات الأمنية، مجلة فصلية محكمة، تصدر عن الأمن، العدد 89، كانون الثاني 2022، ص 103).

***

* د. إيلي جرجي الياس، كاتب، وباحث استراتيجيّ، وأستاذ جامعيّ.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *