بين فرح أنطون ومحمّد عبده

Views: 93

د. علي حميّه*

وصفَ أنطون سعاده صاحبُ الدعوةِ إلى القوميّة السوريّة الاجتماعيّة، فرح أنطون بـ “المفكّر الاجتماعيّ” وعدَّه، إلى جانب والده العلّامة خليل سعاده وجبران وفيليب حتّي، أحد النوابغ الذين بشّروا بـ “النهضة القوميّة” التي أعلنها في العام 1932، أي بعد عقدٍ من الزمن من رحيل فرح أنطون (1922)، فهؤلاء النوابغ الأربعة عملوا، برأيه، مستقلّين عن كلّ تأثيرٍ أجنبيّ، فكريّ أو سياسيّ، و”نَشروا أبحاثاً تستحقّ الدراسة والعناية نظراً للقيمة الفكريّة العالية التي تضمّنتها”.

هذه الشهادة بفرح أنطون وَضعت صاحب “الجامعة” أي أنطون نفسه، في محلّه، في سياق التطوّر الفكري والعلمي الذي شهدته البلاد السوريّة والمشرق العربي، بدءاً من النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والذي أدّى إلى نشوء النهضة القوميّة التي يُعتبر فرح أنطون “أحد السبّاقين إليها، المبشّرين بمجيئها، المُمهِّدين الطريق أمامها”. كما دلّت هذه الالتفاتة إلى أهميّة فرح أنطون ككاتبٍ اجتماعي، قبل أيّ شيء آخر.

ولعلّ، من باب الإنصاف، هنا، أن نذكر أنّ أنطون سعاده كان مُتابعاً، من خلال والده، لأعمال المفكّرين النهضويّين الكبار أمثال شبلي شميّل والشدياق وفرح أنطون والكواكبي ومي زياده والبساتنة واليازجيّين و …غيرهم، دارساً كتاباتهم، محدِّداً قيمتها التاريخيّة والعلميّة، ومُعيّناً موقعها من الحركة الفكريّة السياسيّة التي عرفتها سورية ومصر، في تلك المرحلة من تاريخها، والتي ما يزال صداها يتردّد، حتّى الآن!

المقالة/ القنبلة

لم تكُن المُحاورة أو المُناظرة بين الكاتب الاجتماعي فرح أنطون صاحب مجلّة “الجامعة”، والشيخ محمّد عبده مفتي الديار المصريّة، على أهميّتها، لم تكُن المُناظرةَ الفكريّةَ الأولى، ولم تكُن الأخيرةَ، فقد سبقتها، بأشهرٍ معدودة، مُناظرةٌ جرت بين “السيّد الفراتي”، وهو اللّقب الذي أطلقه عبد الرّحمن الكواكبي صاحب كتاب “طبائع الاستبداد” على نفسه وهو يُوقّع مقالاته على صفحات “المقطّم”، والشيخ محمّد رشيد رضا، مؤسِّس مجلّة “المنار”، وكانت، من بين المُناظرات الأكثر ضراوة، لأنّها جرت بين عالِمَيْن مُحمّديَّيْن كبيرَيْن.

في السنة الثانية من القرن العشرين (1902)، تحوَّلت الصحافة الشاميّة في مصر، وخصوصاً “المنار” لرشيد رضا و”الجامعة” لفرح أنطون، إلى منبرٍ عاصف لمُناظرةٍ فكريّة جريئة حول الإسلام والمسيحيّة والتسامُح والاضْطهاد جرت بين فرح أنطون (1874 – 1922) الشاب الآتي من طرابلس/ الشام إلى مصر هرباً من الاضْطهاد العثماني، والشيخ محمّد عبده (1849 – 1905) زعيم حركة الإصلاح الديني في مصر. وقد تجنّدت لنشر هذه المناظرة في ستّ حلقات مجلَّتا “الجامعة” و”المنار”.

انطلقت المُحاورةُ من مقالة كَتبها فرح أنطون عن ابن رشد وفلسفته في مجلّته “الجامعة” واستقبلها رشيد رضا باستنكارٍ شديد، ما استدعى بناءً على طلبه ردّاً من محمّد عبده على صفحات “المنار”، مجلّته. وتوسّعت المُحاورة بين الرجلَيْن لتتطرّق إلى مشكلات الدّين والعِلم والعقل والمدنيّة والتقدّم والتعصّب والتساهُل في الإسلام والنصرانيّة.. إلخ.

وَضَعَ أنطون لمقالته عنواناً استفزازيّاً، في زمانه، حيث السلطنة العثمانيّة ومعها الخلافة الإسلاميّة في حالةِ تفكُّكٍ وانهيار، ويجتاح الغربُ “الغازي” بلادَ العرب والمُسلمين، وهذا العنوان هو: “معنى التساهل والفصل بين السلطتيْن المدنيّة والدينيّة” (الجامعة، الجزء الثامن، 1902)، والمقال، كما هو بيِّنٌ من عنوانه، قسمان: الأوّل في معنى التساهل وعجز السلطة الدينيّة عنه، والثاني في الفصل بين السلطتيْن المدنيّة والدينيّة على قاعدة تعيين حدود المجال السياسي في علاقته بالمجال الديني.

1- في التساهُل

ما معنى التساهل، يسأل أنطون، في بداية مقاله؟ وقبل أن يُجيب عن السؤال، يُنبِّه إلى أنّ تعريفه للتساهل سيكون بحسب اصطلاح الفلاسفة، لا بحسب اللّغة، لأنّ كلمة “تساهل” كلمة دخيلة على اللّغة العصريّة. فما معنى التساهل عند الفلاسفة إذاً؟ الجواب هو أن “لا يُدين الإنسانُ أخاه الإنسان”، لأنّ الدّين “علاقة خصوصيّة بين الخالِق والمخلوق”. وإذا كان الله يُشرق بشمسه على الصالحين والطالحين، يُضيف أنطون، فيجب على الإنسان أن يتشبّه باللّه، فلا يُضيّق على غيره من الناس لكون هذا الغَير يعتقد غير ما يعتقده هو. فإذا كان زيد مُسلماً وخالد مسيحيّاً وكورنو بوذيّاً وسينو وثنيّاً وديدرو كافراً، على ما يُعدِّد أنطون من أسماء، فهذه مسألة بين هؤلاء الناس وبين خالقهم لا تخصّ البشر كلّهم، ولا يجوز للبشر أن يتداخلوا فيها؛ ولذلك، فالإنسان من حيث هو إنسان، أي بقطع النّظر عن دينه ومذهبه، هو صاحب حقّ في كلّ خيرات الأمّة الاقتصاديّة والروحيّة والماديّة ومواردها، كما هو صاحب حقّ في كلّ الوظائف الكبرى في الأمّة، بما فيها رئاسة الأمّة نفسها، أي السلطة العليا فيها.

هذا هو معنى التساهُل كما عرَّفته الفلسفة في العصر الحديث، وكما اقتنع به أنطون وبشَّر به، ما يعني بصريح العبارة أنّ السلطة الدينيّة لا تقدر عليه، لأنّ غرضها مُناقضٌ تماماً لغرض التساهُل، فهي تعتقد أنّ الحقيقة كلّها في يدها، وأنّ قواعدها وتعاليمها هي الحقّ الأبديّ، وما عداه فكفرٌ وضلال.

2- في مسألة جاحدي الأديان

مسألة أخرى تناولها أنطون في الجزء الأوّل من مقاله هي مسألة “جحود الأديان”، أي ألّا يعتقد الإنسان بشيء، حتّى بالدّين نفسه! فهل تطيق الأديان، كلّ الأديان، أن تصبر على أحد من الناس أن يجحدها، يسأل أنطون؟ يستعين أنطون بالعِلم ليؤكّد على صوابيّة رأيه. فماذا يقول العِلم في هذه المسألة؟ يُجيب أنطون بثقة ويقين تامَّيْن أنّ العِلم يُحرِّم قاتلي الزنادقة والكفرة في الإسلام والمسيحيّة، ويُصنِّف القتلة، هنا وهناك، بأنّهم كلّهم مُخطئون، لأنّ الحياة التي منحها الله للبشر لا يجوز لإنسانٍ أن يسلبهم إيّاها تحت أيّة حجّة أو ذريعة، ولأيّ سبب كان!.

3- في السلطتَيْن الدينيّة والمدنيّة

في الجزء الثاني من مقاله المذكور، يُقارب أنطون مسألة الفصل بين السلطتَيْن المدنيّة والدينيّة، ويُحدّد خمسة دواعٍ لهذا الفصل بين السلطتَيْن المذكورتَيْن، هي:

  • إطلاق الفكر الإنساني من كلّ قيد يُمكن أن يُكبّل حريّته أو يُقيّد حركته.
  • الرغبة في المُساواة التامّة بين أبناء الأمّة، بقطع النّظر عن مذاهبهم ومُعتقداتهم، ليكونوا جميعاً أمّة واحدة يشعر أعضاؤها بعضهم بألم بعض شعوراً حقيقيّاً.. إلخ.
  • لامشروعيّة تدخُّل السلطة الدينيّة في الأمور الدنيويّة، لأنّ الأديان شُرّعت لتدبير شؤون الآخرة لا لتدبير الدنيا.
  • مضارّ الجمْع بين السلطتَيْن المدنيّة والدينيّة على الأمّة، فالأمّة التي تجمع حكومتها بين تَينك السلطتَيْن تبقى عرضةً للانقسامات الداخليّة وهدفاً للأطماع الخارجيّة.
  • استحالة الوحدة الدينيّة، وبالتالي الدولة الدينيّة، فهذه الأخيرة ولّى زمانها. أمّا الوحدة الدينيّة، فنادراً ما تحصل، حتّى في الأُمم التي تدين بدينٍ واحد.

بناءً على ما تقدّم في الأمور الخمسة التي ذُكرت، يُكرِّر أنطون ما قالته “الجامعة”، مجلّته، منذ تأسيسها من أنّه “لا مدنيّة حقيقيّة ولا تساهُل ولا عدل ولا مساواة ولا أمن ولا ألفة ولا حرّيّة ولا عِلم ولا فلسفة ولا تقدّم في الداخل، إلّا بفصل السلطة المدنيّة عن السلطة الدينيّة. ولا سلامة للدول ولا عزّ ولا تقدّم في الخارج إلّا بفصل السلطة المدنيّة عن السلطة الدينيّة”.

هذه المقولة “الفرحيّة” احتجَّ عليها عبده أيّما احتجاج واستدعت منه ردّاً مطوّلاً عليها، ردّاً مبرُّره الأساسيّ أنّ الإسلام، عند غالبيّة المُسلمين هو دين ودولة، لا دين فقط.

4- في أسباب المُناظَرة

اعتقدَ الشيخ رشيد رضا أنّ فرح أنطون في مقالته عن ابن رشد نال من الإسلام، فحرَّض أستاذه محمّد عبده على الردّ عليه، وكانت المحصّلة (بالإضافة إلى المُناظَرة وأهميّتها والقضايا التي أثارتها) ظهور كتابَيْن عبّرا عن القضايا نفسها وحَملا الهموم ذاتها وتأثَّرا بالمزاج النفساني والروحي والثقافي السائد عَينه، وإن اختلفت المحرّضات لكلٍّ منهما: الكتاب الأوّل هو “الإسلام والنصرانيّة بين العِلم والمدنيّة” (1902) لمحمّد عبده، والثاني “ابن رشد وفلسفته” (1903) لفرح أنطون.

وَجَدَ عبده في ردّه على أنطون، أنّ هذا الأخير تناول موضوعاً يُلامس العقيدة الدينيّة وليس الفلسفة كما ادّعى، أي أنّ أنطون لم يُدافع عن ابن رشد إلّا لينال من الدّين عموماً والدّين الإسلامي خصوصاً. ويستشهد عبده هنا بابن رشد نفسه الذي ينقل عنه قوله بالتوافق بين الدّين والفلسفة ووجوب الحفاظ على هذا التوافق.

أمّا القضايا الأساسيّة التي تناولها عبده في ردّه على أنطون فهي: التسامُح، الدّين والعِلم، والدّين والدولة.

تمحورت القضيّة الأولى حول عنوانٍ عريض هو: أيّهما كان أكثر تسامُحاً وأقلّ تعصّباً في ما يختصّ بالعِلم والعُلماء، وطبعاً الفلسفة والفلاسفة: الدّين الإسلامي أم الدّين المسيحي؟ وقد استاء عبده كثيراً من هذا السؤال الذي وَرَدَ في المقالة “الفرحيّة” تحت عنوان: “الاضْطهاد في النصرانيّة والإسلام”..

ولم يكُن ردّ محمّد عبده أقلّ منطقاً من المنطق الذي استخدمه أنطون، فردّ الحجّة بالحجّة واستعانَ بآياتٍ قرآنيّة ليدعم رأيه.

القضيّة الثانية التي أخذت حيّزاً في المُناظَرة هي العلاقة بين الدّين والعِلم. يقول عبده، في ردّه على أنطون، إنّ العِلم، لابن رشد، هو في دائرة “العقل” ويجب أن يوضَع دائماً في هذه الدائرة، لأنّ قواعده مَبنيّة على المُشاهَدة والتجربة والامتحان؛ في حين أنّ الدّين، يُضيف عبده ناقلاً رأي فيلسوف قرطبة، هو في دائرة “القلب” ويجب أن يبقى كذلك، لأنّ قواعده مَبنيّة على التسليم بما وَرَدَ في الكِتاب (القرآن) من غير فحصٍ في أصولها. الدّين، إذاً، يرتكز على الإيمان، يخلص عبده في عرضه للنظريّة الرشديّة في هذه المسألة.

القضيّة الثالثة والأخيرة ركَّزت على مسألة الفصل بين الدّين والدولة، وقد اختلف المتحاورَان عليها كما اختلفا على سواها. ففي حين يقول أنطون بالفصل، لا الجمع، بين السلطتَيْن الدينيّة والمدنيّة، فإنّ عبده يقول بعدم الفصل بين السلطتَيْن، فالإسلام، عنده، دين ودولة، فضلاً عن أنّ الحاكِم لا يُمكن أن يتجرّد من دينه مع وجود الفصل بين السلطتَيْن. بهذا المعنى، وَصَفَ أنطون سعاده محمّد عبده وأستاذه جمال الدّين الأفغاني بـ “إمامَيْ” الرجعة إلى الدولة الدينيّة، نافياً عنهما أن يكونا من دُعاة الإصلاح الديني.

5- لماذا لم يردّ رضا على أنطون؟

سؤالٌ يبدو في محلّه، بخاصّة أنّ رضا هو أوّل من أثار قضيّة أنطون ومقاله موضوع المُناظَرة، وهو مَن أَقنع عبده بالقيام بمهمّة الردّ، وهو، أيضاً، مَن قامَ بنشْرِ الردّ في مجلّته “المنار” وتجنَّد لتعميمه.

برَّر المتابعون للمناظرة إحجامَ رضا عن الردّ على أنطون بأعذارٍ أو مبرّرات كثيرة، أهمّها:

– أنّ أنطون، كرضا، هو ابن مدينة طرابلس/ الشام. كلاهما يتحدّران من مدينةٍ واحدة، ويعرفان بعضهما جيّداً، وهاجرا إلى مصر معاً على متن الباخرة نفسها، وللأسباب ذاتها: الفرار من الطغيان العثماني!

– إنّ الشيخ محمّد عبده هو مفتي الديار المصريّة، وهو عالِم كبير، واسع المعرفة في اختصاصه، ومعروف جيّداً في العالمَيْن العربي والإسلامي؛ ولذلك فإنّ تأثيره على القرّاء والأوساط الدينيّة في الأزهر سيكون حتماً أكثر فيما لو قام هو، شخصيّاً، بالردّ على مقالة أنطون لا رضا نفسه، وهكذا كان.

وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا ردّ أنطون نفسه على عبده، ولم يُكلّف أحداً آخر غيره للقيام بهذه المهمّة، أسوة بما فعل رضا عندما حرّض عبده على أنطون؟ والجواب أنّ أنطون، بوصفه صحافيّاً وكاتباً معروفاً وصاحب مجلّة فكريّة، وَجَدَ نفسَه، لهذه الصفات، مُلزماً نحو قرّائه باطلاعهم على الحقيقة بنفسه، وخصوصاً أنّه يعتبر نفسه هدفاً لمكيدة يكيدها رضا ضدّه.

6- صراعٌ دينيٌّ أم صراعٌ تجاريٌّ؟

يقول الكاتب التونسي محمّد الحدّاد إنّ الدافع إلى المُجادَلة/ المُناظَرة كان مقالاً نَشره أنطون عن ابن رشد. وكيفما افترضنا تقبُّل المُسلمين لهذا المقال، فإنّ نشْره لا يُمكن أن يُعَدّ أكثر جرأة من نشْرِ مقالٍ آخر في العدد نفسه من “الجامعة” هو فصل من كتاب إرنست رينان (E. Renan) المُعنْوَن بـ “حياة المسيح” (1863) الذي أثار، فور نشره في فرنسا، حفيظة المسيحيّين في أوروبا نفسها، وفَقَدَ رينان على أثره كرسيّه في الكوليج دو فرانس، وكاد الكتاب يُصادَر.

من المؤكّد، إذاً، يقول الحدّاد، إنّ أنطون لم يكُن يقصد الإساءة إلى الإسلام، فكيف تحوّل الجدل بعد ذلك إلى معركةٍ دينيّة؟

جواباً عن هذا السؤال يشير كثيرون من معاصري تلك المرحلة بالبنان إلى صراعٍ “تجاري” نَشَبَ بين أنطون ورضا، وبين “الجامعة” و”المنار”، من جهة، وبين أنطون وعبده، من جهة أخرى. فقد تفطَّن أنطون، بحسب الروايات التي رافقت المُناظَرة إلى أنّ توسيع الحوار مع عبده/ الأزهري الألمعي تلميذ الأفغاني وأستاذ رضا ومفتي ديار حوض النيل، من شأنه أن يجلب الاهتمام لشخصه ولمجلّته. في حين تفطَّن رضا إلى أنّ البروز أمام الرأي العامّ بمظهر المُنافِح عن الإسلام والقيَم الإسلاميّة، يُحقّق له المكاسب نفسها. هكذا تضخّمت المسألة بين طرفَيْ المُناظرة وأنصار كلّ فريق منهما إلى حدٍّ يقول المتابعون لها إنّ رضا راح يدعو المُسلمين علانيّة إلى مُقاطعة “الجامعة”، مجلّة غريمه، أي أنطون، والإقبال على قراءة “المنار”، مجلّته هو.

كما أنّ عبده حاول بعد تحريرِ ردّه على أنطون الاجتماعَ بالأخير ومُناقشته في القضيّة موضوع المناظرة، ونشر ردّه عليه في “الجامعة”، احتراماً لأنطون من جهة، وعملاً بقانون حقّ الردّ من جهة أخرى، وذهب لهذا الغرض إلى الإسكندريّة حيث كان يُقيم أنطون ويُصدر منها “الجامعة”، إلّا أنّ الفرصة لم تسمح لعبده، لا الالتقاء بأنطون هناك، ولا نشْر ردّه في “الجامعة”، فانتهز رضا الفرصةَ واستقبل بحماسةٍ منقطعةِ النظير ردَّ عبده الأوّل على أنطون ونَشَرَهُ في “المنار”، ثمّ أتبعه بنشْرِ باقي الحلقات إلى أن انتهت المُناظَرة عند الحلقة السادسة والأخيرة.

***

*باحث في الفلسفة من لبنان

*مؤسسة الفكر العربي-نشرة أفق

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *