سجلوا عندكم

سحر حيدر… نورانيّة الحُبّ

Views: 295

د. إلياس الهاشم

 

لِبعلبك سحرٌ لا يُضاهى وللحبِّ سَحرٌ فيها يتباهى.

قرأتُ سحر حيدر في “غلالة الشمس” فوجدتُ “عبق الرياحين” يكتبني بقصيدة، يتراقص الحب بين أضلاع سطورها على أنغام البوح الجريء المهذب.

تُتعبكَ سحر حيدر حين تدخلُ حديقة نصِّها، تأسرك وأنتَ الحرّ الذي تأبى الأسر، فأنت أمام نصٍ مختلف عن كلاسيكية الغزل الذي يحمل بوح الألم والحنين والاشتياق، فسحر حيدر كلُّ هذا البوح لكن بأبجدية مغمّسةٍ بنورانية الحبّ الذي كان،وصارعندها مشروع خلاص لأنثى تُنصِّب نفسها الرسولة لبني جنسها، تحمل قضايا المرأة من حواء إلى سحر.

 

“أكتُبُني… حين أحببتني” كتابٌ في عنوانه يختصر عمق الوجود للعلاقة بين الرجل والمرأة. تتألق فيه سحر بالجرأة المؤدَّبة حيث تتماهى مع الحب، فالآخرُ هو،هي، والحبُّ يكتبها وهي تكتبُ ذاتها حين تُحبّ فيصير الحبيبُ ذاتَها وهي ذاتُه. ويغدو جسدُ الأنثى قيثارة لا تدندن لحنًا دون عازفٍيجيدُ تلمّس النبضاتِ من بين حنايا الأوتار المشدودة على صدر الحياة.

سحر حيدر تدوّن يوميات الحبّ وتفاصيله لا تتصنّعُها ولا تتخيّلُها كالذين ينفصمون في كتاباتهم بين الورق والحقيقة، لها لغتها وأناقتها في التعبير، صادقة تستحضر العواطف من دفتر الحياة وتقول للشعر ” أكتُبُني كما أنا أريد، لا كما أنت تريد، أنا الحرّة في البوحِ ولا ألتزم بقواعد قوافيكَ، لكنني يا حبيبي أعشق موسيقاك تنساب بين حروفي كانسياب النشوة الأبديّة في عشق الصوفيين، حيث لا ألم، ولا وجع ولا معصية. تقول سحر حيدر: ” من قال أنّ الجسد لا يعرف الكلمات؟ لا يجيد سوى مصارعة الشهوات؟ إنّه لغةٌ رائعةٌ، قلّ من تعلّمها…” فلغة الجسد عند سَحر لغة الجمال والخصب والتآلق في الحبّ حيث التماهي مع الحبّ، فتغدو القصيدة عندها جسدًا ممجِّدًا للحبِّ الأسمى بحريةٍ متفلتةٍ من قيود الطقوس والأعراف وحراس سجون الأرواح.

 

سحر حيدر قلمٌ جريء متمرّد تسكنه نورانية الحبّ فيغدو شعلة لا تنطفئ.

***

*كلمة د إلياس الهاشم في حفل توقيع كتاب “أكتُبُني… حين أحببتني” للدكتورة سحر حيدر في “مجلس بعلبك الثقافي” 21/ 10/ 2022.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *