ملامح الحالة المسيحية

Views: 38

خليل الخوري 

لم تعد «الحالة المسيحية» في لبنان بخافية على أحد، إلا على مَن يجهل أو يريد أن يتجاهل الوقائع التي تجاوزت حيثياتها الغرف المقفلة إلى العلانية في مؤشر تصاعدي يرتفع باستمرار الى حد مشاركة مطارنة في حملة استنهاض للافراج عن أحد الموقوفين.

نبادر الى القول إن الشاب وليم نون لم يُلقَ به في التوقيف على خلفية قضية مسيحية أو مذهبية، ولكن السؤال الذي طرح ذاته ويتطارحه الشارع المسيحي، عن واقع أو عن مبالغة، هو الآتي: لو لم يكن هذا الشاب مسيحياً وقال ما قال داخل وخارج قصر العدل، هل كان سيُجر الى التحقيق فالتوقيف؟!.

وبعيداً عن المنحى القانوني في هذه المسألة، فإنها تشكل إحدى تراكمات تتزايد في المسار اللبناني، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

هل كانت حكومة تصريف الأعمال لتعقد اجتماعاً لو أن الرئيس نبيه بري وحزب الله، أو أيّاً منهما قال بعدم عقدها؟

أبعد من ذلك، لماذا يُكتفَى بالمواقف الكلامية من قضية النزوح السوري الذي بات أزمة (بل معضلة وطنية) اقتصادية وإنسانية واجتماعية وحتى مصيرية، ألا يشكل هذا الموضوع عبئاً وطنياً عاماً؟ فلماذا لا يتكاتف اللبنانيون كلهم (عملاً لا قولاً وحسب) من أجل التوصل إلى حلّ كي لا يبقى التصدي الفعلي لهذا الموضوع وقفاً على المسيحيين؟

وهل مصادفة أن يلتقي الحزبان المسيحيان الأكبران (الوطني الحر والقوات) على مُعارضة عقد مجلس الوزراء بالرغم مما بينهما من خلافات على كل شيء؟

وهل من المصادفة أنّ غبطة البطريرك مار بشارة الراعي يُظلّل هذا الموقف بكلام شديد وهو المعروف عنه حرصه، مثل أسلافه، على الكيان والصيغة والميثاق، وبالتالي لا يمكن الزعم بأنه ينطلق من موقف طائفي أو مذهبي.

ثمّ، ألا تدرك الأطياف اللبنانية الأخرى أنّ ثمة طروحات جدية، مُتداولةً في أوساط مسيحية عدة حول خيارات ذات طابع مصيري، قد لا تكون الفيدرالية محورها الوحيد؟

لا شك في أنّ إتفاق الطائف أوقف الحرب، وربما كان المسعى منه إعادة تثبيت الوحدة اللبنانية على قواعد ثابتة. إلا أنّ سوء الممارسة والتنفيذ أدّيا إلى الأخذ منه بما يُطيح صلاحيات الرئيس المسيحي، والإمعان في ذلك إلى حدّ أنّ الشارع المسيحي لا يستطيع أن ينظر ببراءة إلى توافق الطيفين الرئيسين الآخرين على قضية مثل إجتماع مجلس الوزراء.

إن لبنان على منعطف تاريخي مصيري بالغ الدقة والخطورة، والغاية من هذا الكلام، ونحن المؤمنون بوحدة لبنان أرضاً وشعباً، هي لفت النظر إلى هذا الواقع كي لا نصل إلى وقت لا يعود ينفع فيه الندم.

(https://editorialrm.com)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *