قتيلةٌ تبحث عن قيامتِها

Views: 135

د. يُسرى البيطار

لوّحتُ كالأشجار كالمجنون كالأيدي التي انفلتَت من الجسد القتيل ترفّ حول النارْ

لم يقترب مني الرحيلُ

ألوّحُ الدنيا تموتُ

ألوّحُ الجدّاتُ يندبنَ الصبا والأمهاتُ

ألوّحُ الأفياءُ تحتضنُ العبيرَ’ الأرضُ تبتكرُ المياهَ لينطفي ألمي

وينبتُ في دموعي جلّنارْ

لم يقترب مني الرحيلُ

القريةُ الأولى تعوّذني

دعاءاتي تعوّذني

جراحاتي تعوّذني

نقاءُ الفجر في قلبي يعوّذني

ألوّحُ كالرياح على المطرْ

كمواسمِ اللهب العتيق إذا تعانقَ والشجَرْ

مطعونةٌ

وصدى ملائكةٍ يحيطُ بما توسّع من سرير الليل كي يستوعبَ النزفَ الينابيعَ التي بالأحمرِ اصطبغَت وما يئسَت

ويولدُ من تفجّرِها النهارْ

لوّحتُ حتى أوقفَت أرضي مواسمَها

ودورتَها

ولم يُكمِل إطارُ الشمس صورتَها

 

توقّفَت ولم يمرَّ العامْ

لينهضَ الربيع من تحت الركامْ

ليثأرَ الغرامُ من خناجر الغرامْ

حتى يقالَ عن شهيد العشقِ: قامْ

 

وعبَرتُ بين شوارعِ الليمون والأدراجِ والعتمِ الطويلِ وقبّةٍ فوق الكنيسةِ عاليه

صلّيت عند الزاويه

ومشيتُ ألتمِس الجدارْ

ليلٌ

وثَمّ قتيلةٌ نهضَت لتبحث عن قيامتِها

ولم تشعل قناديلا

ولم تحمل لذاك الدمع منديلا

يجفّ على ورود الخد

تبحث عن قيامتِها

ترشّ على ثياب الموت ما أغوى نسيمَ الليل في دكّانةِ العطّارْ

 

طلَلٌ ولا أحدٌ’ ندبتُ هناك’ أين أروحُ؟

صحراءُ هذا الليلِ فتّح رملُها وعلَت جروحُ

العِقدُ لا يعلو على الأقراط

ذي جبلٌ وذاك سفوحُ

شرقَت بنا معًا ابتسامتُهُ

ورحتُ أبوح لكنْ لا أبوحُ

 

كالجدولِ الممتد فوق حرائقي أبصرتُ تلك البسمةَ البيضاء رفّت

همّت بتقبيلٍ ولكنْ قِيل عفّت

لا زال يعشقني كثيرا

لا زال يخفق بي كثيرا

هذا الذي بالخنجر المغروز فيّ هو الهلاكْ

هذا الذي بدمِي ملطّخةٌ يداه’

وإنني مثل الملاكْ

هذا هو الحب العظيم يقول لي نسَمُ الربيعِ :

اللهُ يمسك أيديَ العشاقِ

أتعبَها الدوار على الشوارع

كيف تُحتضَنُ الديارْ؟

الله يمسك أيديَ العشاق حتى تُبعَثَ الأزهار والأنهار والأشجار والأطيارْ …

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *