“حوار مع صديقي المُخلص” جديد الكاتب العراقي محمد حسين كريم

Views: 215

صدر عن دار نلسن في بيروت كتاب “حوار مع صديقي المُخلص” للكاتب العراقي محمد حسين كريم. في ما يلي كلمة الناشر والفصل الأول  من الكتاب.

 

كلمة الناشر

هل تكون العُزلة عالمًا بديلًا عن العالم المحيط بنا والذي يتحكّم به البشر ويفرضون أحكامهم النابعة من مصالحهم، يظلمون، يقتلون، ولا من  حسيب أو رقيب…؟

الكاتب محمد حسين كريم وحيد، غاص في أعماق هذا العالم، أقام حوارًا معه، وقف وجهًا لوجه مع ذاته، تشاجر معها، طرح عليها أسئلة بقي بعضها من دون أجوبة… رأى من خلالها العالم، وكيف يُدار من أهل السلطة والتسلط ويتحكّمون بمقدّراته ويضعون مصالحهم الخاصة في أولوياتهم، يسنون القوانين وفقها ويوهمون الشعوب بمعتقدات خاطئة حفاظًا عليها…

حاول الخروج من العزلة باحثًا عن حُب، عن صديق… الحُبّ تسيطر عليه الأنانية والتملّك، خاف منه… وضعت الصدفة على دربه صديقًا، تناغم معه، تأثر به، لأنه آثر العيش في عالم العزلة بدوره…

من خلال الحوارات التي دارت بينهما على شاطئ النهر، تحرّر كل منهما من الكبت الذي كان يعيشه، وتعرفا إلى ذاتهما، والتقيا في النظرة إلى الحياة، وحللا شؤونها وشجونها، وطرحا أفكارًا إصلاحية، وتكاملت رؤاهما، رغم الخوف والقلق من انفصام الصداقة بينهما…

ذات يوم ذهب الصديق ولم يعُد… انتظره الكاتب على شاطئ النهر، وقتًا طويلًا… من دون جدوى.

نظرًا إلى عمق العلاقة بينهما، لم ينتبه أحدهما إلى سؤال الآخر عن تفاصيل حياته، أين يقيم؟ رقم هاتف؟… تجاوزا الشكليات والمظاهر، واهتم كل منهما بشخصية الآخر وأفكاره.

هكذا ضاع الصديق… أخذه الموت من دون أن يدري صديقه بمصيره… فعاد إلى الانزواء، ورسم لنفسه عالمًا حدوده الانطوائية والعزلة والحوار مع الذات.

 يبقى السؤال: هل تكون ذات الإنسان وحدها الصديق المخلص والدائم له؟

الفصل الأول

خيوطٌ صوفيةٌ مُتشابكة، وحناجرٌ قد بُحّ صوتُها، وتراكمات كشبكات الاتصال، عناكبٌ هي في غابات الأمازون، تنتظرُ فريستَها بصمتٍ، متيقنة أنها ستوقِع بأحدِهم في وقت ما، مالي ومال القدَر، ما حال تلك المخيّماتِ الملوّثةِ بالجراثيم! وهي تحمل في أرضِها أرواحًا مُطهّرة لا ذنبَ لها غير أنها تُريد العيش بأمانٍ!!…

من نطقَ بالأمان؟

أو تعلَم يا صديقي أنك في الأرض تعيشُ بين أوجه مختلفة، وقلوبٍ ملوّنة؟!

كثيرٌ منها يتغذى على الدماء.

لا تستطيعُ النُطقَ، والتيقُّنَ بأنك في أمانٍ، طالما ترى، وتسمع، وتشم، وتلمس وقدماك على الأرض.

فترة الأمان الوحيدة، عندما تعود الأرواحُ إلى خالقها وأما غير ذلك، النطق بالأمان محض خرافة.

لمِا لا تقف وتنظُر إلى ريف سويسرا؟

 يقال إنه أفضل مكان على الأرض للعيش بأمان.

تقضي يومك في المزارع، تحرُث الأرضَ، وتُكمِل ما تبقّى منه كسائر الناس.

أتعني أن العودة إلى البساطة توفّر لك الأمان؟

أو تعتقد بأن الدول الغربية…. فيها أمان مطلق؟

لا وجود لأمان مطلق في هذه الأرض يا صديقي.

الشعور يختلف، أحيانًا، عن الواقع الحقيقي تمامًا.

أنا على يقين بأن لا أمانَ في هذه الكتلة المكوّرة من الكون.

ولنفترض أنك اخترتَ العيشَ في الصحراء لوجدت من يفترسك، أو يسلبك، أو تموت جوعًا.

الحال نفسها إذا اخترت الأماكن الباردة والأماكن المعتدلة، في الغابات وفي الجبال…

نظرة الإنسان ضيّقة ومحدودة حتى في إدراكهِ، وفكرهِ.

في زمن النبي نوح (عليه السلام) عندما حصل الطوفان اعتقد ابنه بأن الصعود إلى أعلى الجبل قد يُنجّيه من الغرق ويوصله إلى برّ الأمان، لكن النتيجة كانت الغرق.

على الإنسان أن يعي، بإيمان راسخ أن موضع الأمان الوحيد في هذا الكون في كنف الله.

 

 

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *