شارع في زحلة باسم جوزف صايغ شاعرها وعاشقها
سليمان بختي
عاد الصيف ثانية ولم يخلف جوزف صايغ ( 1928-2020) له موعدا. حمل اليه شارعًا باسمه في زحلة قريبا من بيته في حارة الراسية وقريبا من مدرسته في الكلية الشرقية وقريبا من حديقة الشعراء.
ذات مرة سألته على المنبر مناقشا كتابه “حوار مع الفكر الغربي”: مكثت لاكثر من نصف قرن في باريس واعطيتها القصيدة واحببت “آن كولين” ولم تطلب الجنسية الفرنسية ماذا بقي لك هنا وهناك؟”.
اجاب:” قبر امي وزحلة وشبابي”. افحمني بأربع خمس كلمات.
كانت له مكتبة وبستان وازهار. وكأنهما اول العالم وآخره. وبحسب كونفوشيوس” اللهم هب لي بيتا مليئا بالكتب والازهار”. (https://idearocketanimation.com)

اخبرتني زوجته اليزابيث ذات مرة ان جوزف في زحلة لا يشبه جوزف الذي في باريس. هنا يضحك ويلعب ويزرع في البستان ويحاور الايام. هناك يصارع الوقت ويعد الايام للعودة الى زحلة”.
في كل صيف كان يأتي وفي يده كتاب ومحبرة ومشاريع كتب وعصافير.
كان يعرف جوزف صايغ وهو يقرأ علامات الارض ان في الصيف يعقد الثمر. والثمار هي كتب وصداقات وافكار. لبثت علاقته مع الوطن علامة حب مع وقف التنفيذ لذلك عنون كتابه بـ “الوطن المستحيل”. وبقيت علاقته مع الفكر شيئًا من اعمال الحوار. وعلاقته مع القصيدة كمن يلقي القنص على العصفور متلبسا بالغناء.
هو ابن زحلة وحبيبها وهو الذي كتب عنهاوفيها شعرًا:” فانا زحلة حبي حيثما كنت كانت تكن كان الوجود/ فكل يوم لنا رجوع اليها/ ولنا الرأي خافقات عليها/ ما رأينا الى جمال وهمنا/ غير ذلك الجمال في عينيها/ اغتربنا ولم نفارق كأنا/ اغتربنا عنها ولكن اليها”. اخبرني غير مرة انه عندما يغلق باب منزله في زحلة في نهاية الصيف يسمع اصواتًا تناديه للعودة.
عام 1954 نال الدكنوراه من جامعة السوربون وكانت عنوان اطروحته ” الظاهرة الاجتماعية الشعرية في وادي زحلة ” بإشراف جاك بيرك.
ترك جوزف صايغ 16 كتابا بين شعر ونثر وفكر وترجم كتاب “زمن البشر” لسانت اكزوبيري .
ينضم جوزف صايغ الى اسماء زحلة ورموزها الكبار، تمثاله في حديقة الشعراء منذ 2014. واليوم شارع باسمه ولماذا لا يتحول منزله في الصيف القادم الى متحف.
كان يردد: الشعر الصعب شغل حياتي وما قلته كثير والذي لم اقله ربما اقل ولن اقوله لانه قد يكون خطرا على مكان او انسان. كلما اتسعت رقعة المعرفة ضاقت نسخة الكلام لعل اقصى المعرفة نهاية الكلام”. وصفه انسي الحاج بـ “صليب لبنان”.
يعود جوزف صايغ الى قصيدته، الى الشارع الذي عرفه طفلا وشابا. لعله لا يزال هناك يلوح للزمان ويحتمي بالمكان.