وجيه فانوس… “نُسيمةُ السِحْرِ”

Views: 161

د. منى رسلان

كتبتُك في قصائدي

والعشقُ

يتوضّأ بماءِ الياسمين

وساقياتُ الشذى تقطُرُ  زمزماً

والدمُ المُتطاير رُزماً بيضاء ، عسلية الغِوى

كالمسكِ .. كأطيافِ العبير

الذي فيكَ

وجيه فانوس

**

كتبتُك في وهّاجِ القِبلة

أنشودةً عنبريّة، ذات ربيع

والشمسُ  تتثاءبُ بِرهبَةٍ،

حينما

تراكَ ،

تتأبّطُ الأفكار تلك المتألقات

وتدورُ تدور مثل الفراشات،

بهيات ، لمّاحات ، طرائفهنّ

غاويات.

والكلماتُ تستحضرُ الكلمات،

فما بالُ جون الغمام الأُرجواني ، يرنو ،

والعِناق تتدثّرهُ الأرضُ رداء،

و تحبو السواقي انخطافاً لذات أصيل …

رقراق

أزاهير انعتاق .

وتغدو

الومضاتُ تلو الومضات ؛ مساحاتُ فيضٍ للحُريَّةِ

إشعاعاً، وصورة اللمحة،

وصورة الومضة

أو هي محراب تجلٍ  لـ “محبرة” الفؤاد.

*

هوذا يا  الوجيه

بريق شذاك

يُسابق طيّاف الروابي

والنُسيمات تتنادى :

لم يفقد الورق عناق المنام

في المُقل

ولم تفقد السُحبُ رائحةَ حفيفِ المطر

في وجنتَيك .

أثيرُ وجدك  في العُلا

يتمدَّدُ .. يتمدّدُ إلى اللا نهايات…

و رويداً و بعد حين ،

يعزفُ

يومُكَ مسار الأمنيات،

وحشى المنارات فوق شطآنِ القيثارة ، قُبلِ ..

ما الأنا

ما الأنت

ما النحن ❓❗️

ومعصمُكَ يفرِدُ للطيرِ أرجوحةً كي يستريح

هناك تُسابق رُضبُ الوريد ، أحلامي،

هناك

تناديك لميسةُ السُحب، ويحضُنك صبحيٌ مُجيب ،

و مجدُك المنثورُ في السحابِ عبقٌ رمزيٌ وعِطر عُود ،

و عَوْدٌ في البدء كان كلمةَ

عباراتٌ

تكحّلت من وهجك الرياحين،

وبريق السّنا يغزلُ من حياءِ الإيمان

ترنيمةً بـ هيئةِ ملاك.

**

لقد كنتَ في الأمس سعيداً ،

وفي بوحِ وجهك الشادن

تتراقصُ المُفردات ،

أنشودةً للمجد، والمُهج.

و تشدو من النشائج خطوط انبعاث،

لتغوص الحناجر بين لُجّتي التنهُّد و الندي

و تُبحِرُ أنت .. في الدُجى ؛

والوعدُ زهرُ الـ بيلسان

والأماني .

وبين سكينة الوتر و الدمع الخفّاق

تجيءُ ، دوماً تجيء

*

و أنتَ النابضُ ، بتضرّع الأنفس

تتغلغلُ

في وجد الضُحى تتغلغل ،

والعذارى الناسجاتُ إكليلاً من رؤيا ، من حًبٍّ عميق،

وضّاء كوني …

وأنتَ

فانوسنا الوجيه ، تجيء

حيثما تترامى

أقحوانة الريم بين أطيافكِ

ولطائفِ السجود …

بعدكَ

لا التوق فكرة ، ولا الترقّب انتصار، ولا انتظار ❗️❓

بعدكَ

ما الدُنى هي الأريج ،

ولا نحن اللحنُ ولا النحن .. تويج البنفسج.

***

غابت منابر السرو

ونضُب حُبُور  دمي

وغابت منابر شوقي وحاوي وجوزف حرب

واستراحت منازل النرد،

وأنت لم تتعب.

*

لقد كنتَ في الأمس سعيداً ،

وفي بوحِ وجهك الشادن

تتمايل المُفردات ،

أنشودةَ براءة لمجدك  .. .

*

لقد كنتَ في الهدأة تستكين ،

والنشوة خطوط انبعاث؛

لقد كنتَ في الأمس تشدو ،

و تغوصُ الحناجر في التنهُّد و الندي ؛

وأنتَ كنت اليوم تُبحر ..  بين لُجّتي الدُجى والقدر ؛

فـ تتوه الأماني

بين فُكاكِ الصمتِ والسأم

لـ تنتفض أنتَ لؤلؤياً كالضياء.

*

يا مُهجتي

تأوّت المآذن ألاَّ (أن لا) تودّعك ،

وأجراس وادينا المُقدّس يتعبّد،

هي سكينة

الثرى يأبى أن يُمطِر،

والعصافيرُ التي تتباهى بخِمار الديجور ، تلحّفت سنابل الصبا ،

تطفو مراراً وتكراراً .. و مرّات  تلو المرات لحظ المغيب ،

فوق هُدبة الجفونِ ،

صادحةً غداً يوم جديد

غداً يومُ عيد ؛

و اليومُ عيد

الوجيه

نحّاتٌ مزركشٌ ، قُرمزيُ التنوير،

أنت الوجيه .

*

غابت المنابرُ يا وجيه فانوس في غياهب السَّحَرِ ،

وأنتَ شعشعانيَّةٌ … لا تغيب.

*****

*أستاذة النقد الأدبي والمنهجية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية.

* ألقيت في الذكرى السنوية الأولى لرحيل د. وجيه فانوس.

(https://conversionwise.com/)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *