سألت الشجرة

Views: 647

غسان صليبي

 

سألتُ الشجرة 
لماذا تتعرين في عز البرد 
وتلبسين ثيابك في عز الحر؟

 

لم تجبنِ لانشغالها الدائم بالتواصل 
بين الارض والسماء
تأخذ من الاثنين معاً وتعطي الاثنين معاً.

 

أحالتني الشجرة الى العصفورة
صديقتها وكاتمة أسرارها المفضلة
والمعتمدة أيضاً من البشر كساعي بريد.

 

قالت العصفورة:

“ألا تعرف هذا الشعور المنعش
عندما تلفح وجهك نسمة باردة
وأنت واقف في الخارج
بكامل ثيابك الشتوية؟

 

تخيّل ان الشجرة
تعيش هذا الشعور الرائع
لأشهر طويلة وهي عارية.
فهي تريد أن تؤكّد لك
ان الدفء يأتي من عمق جذورك
وان اجمل ما تلبسه أو تتزين به
هو اوراق براعمك وألوان ثمارك.

 

ربما ارادت أيضاً ان تنصحك
انه من الافضل ان تكون عارياً بداية
اذا اردت ان تنتج بحرية
أفكاراً حبّاً أو فاكهة.

 

ربما ارادت أن تذكّرك أيضاً
بأنّك حين تلبس أو تتعرى
فإنك لا تتصرف على مزاجك فقط.

 

بل تلبس من أجل ان تبني العصفورة 
عشا بحضنك
وتتعرّى لأجل ان تتخذ العصفورة
منبراً من غصنك.

 

تلبس لأجل ان يستريح المتعب 
في مساحة فيئك
وتتعرّى لأجل ان تفتح امامه
وسع سمائك.

 

تلبس لأجل ان يتذوق حبيبك بتمهل
عصارة افكارك
وتتعرّى لأجل ان يلامس بحنان وعجلة
منحنيات أسرارك.”

 

قالت العصفورة وطارت
وحاولتُ من جهتي
ان استوعب قدر الإمكان
ما علمتني إياه.

 

وقفت عارياً
قدماي الحافيتان تلامسان الارض
كما جذع الشجرة
ويداي مرفوعتان إلى فوق
كما أغصانها
ورحت أتأمل 
ما قالته العصفورة
التي سقطت للتو
برصاصة صياد.

***

(*) من ديوان “زهرة في حائط” الصادر حديثًا عن دار نلسن-بيروت

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *